وبالجملة : السيرة
والإجماع يقتضيان طهارة المسك في نفسه مطلقاً. نعم المتيقن من موردهما مسك الفارة
، وأما غيره فمشكوك ، فعموم نجاسة الدم فيه محكم ، إلا إذا ثبت كونه مستحيلا.
هذا ولكن الذي
حكاه بعض عن محققي الفن في هذه الأعصار : أن المسك مفهوم مباين للدم ، كالمني ،
والبول ، ونحوهما من فضلات الحيوان وان كانت المواد المسكية يحملها دم الظبي ،
فاذا وصلت إلى الفأرة أفرزت عن الاجزاء الدموية لاشتمال الفأرة على آلة الافراز ،
وهذا الافراز يكون تدريجيا الى أن تمتلئ الفارة من المسك. فالمسك ليس دما فعلا ولا
كان أصله دما فاستحال مسكا ، وقد حلل وجزء فكانت أجزاؤه أجنبية عن أجزاء الدم. وما
تقدم في كلماتهم من أن المسك دم حتى نظم في الشعر : « فان المسك بعض دم الغزال » مما
لا أصل له كما يشهد بذلك العرف أيضاً.
هذا هو المسك
الأصلي ، وهو معقد الإجماع والسيرة على الطهارة. وأما غيره ـ كالمعجون من دم الظبي
وروثه وكبده ، أو الدم الذي يخرج من الظبي كدم البواسير ، أو غير ذلك ، فليس مسكا
حقيقة. وانما فيه أجزاء مسكية ، ولأجلها كانت رائحته رائحة المسك ـ فليس موضوعا
للإجماع على الطهارة ، ولا للسيرة ، وطهارته غير ظاهرة ، لأنه دم فيه أجزاء مسكية
، فعموم نجاسة الدم يكون فيه محكما. واستحالته ـ بنحو تمنع من استصحاب النجاسة ـ ممنوعة
جداً. وهذا هو المشار إليه في مكاتبة الحميري المتقدمة
[١]. والمتحصل مما
ذكرنا : طهارة الفأرة مطلقاً ، وطهارة مسكها كذلك. [١] كأنه لأجل أن يد
المسلم أمارة على الطهارة ، للنصوص الآتية في
[١] وهي مكاتبة عبد
الله بن جعفر الى أبي محمد ( ع ) المتقدمة في أول المسألة.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 319