الموجب لسقوط دليل
الحجية بالإضافة إلى كل منهما لا يؤبه به ، كما عرفت.
ثمَّ إنه قيل بعدم
وجوب الفحص مع العلم بالاختلاف لوجهين. [ الأول ] : أصل البراءة ، للشك في وجوبه. [
والثاني ] : أنهما أمارتان تعارضتا لا يمكن الجمع بينهما ، ولا طرحهما ، ولا تعيين
إحداهما ، فلا بد من التخيير بينهما. ويشكل الأول : بأنه ليس الكلام في وجوب الفحص
مولوياً كي يرجع الى أصل البراءة في نفيه ، وإنما الكلام في وجوبه عقلا وجوباً
إرشادياً الى الخطر بدونه ، إذ قد عرفت أنه لو لا الفحص لا تحرز حجية إحدى
الفتويين. ومن ذلك يظهر الإشكال في الثاني ، إذ لا حكم للعقل بالتخيير بين
الفتويين المتعارضتين ، وإنما التخيير بين الفتويين بتوسط الإجماع على حجية ما
يختاره منهما ، وقد عرفت أن معقد الإجماع إنما هو الحجية بعد الفحص لا قبله.
وأما الصورة
الخامسة : فإثبات حجية فتوى من يعرف بإطلاق دليل الحجية أظهر مما سبق ، للشك في
وجود مفت آخر ، فضلا عن كونه أفضل وكون فتواه مخالفة. ولا يبعد استقرار بناء
العقلاء ، وسيرة المتشرعة ، على العمل بالفتوى مع الشك في وجود مجتهد آخر من دون
فحص عنه. فعدم وجوب الفحص في هذه الصورة أظهر منه فيما سبق. فتأمل جيداً.
[١] كما عن
النهاية ، والتهذيب ، والذكرى ، والدروس ، والجعفرية والمقاصد العلية ، والمسالك ،
وغيرها ، ويقتضيه أصالة التعيين الجارية عند الدوران بينه وبين التخيير. ولا يظهر
على خلافها دليل ، إذ الإطلاقات الدالة على الحجية ـ لو تمت ـ لا تشمل صورة
الاختلاف. اللهم الا أن يكون بناء العقلاء على التخيير بين المتساويين في الفضل
وان كان أحدهما
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 31