قام دليل على عدم
الانفعال تعين رفع اليد عن إحدى الدلالتين ، فتبقى الأخرى على حجيتها ، والتلازم
بين الدلالتين وجوداً لا يوجب التلازم بينهما في الحجية ، فإن الخبرين المتعارضين
مع سقوطهما عن الحجية في المدلول المطابقي باقيان على الحجية في نفي الدليل الثالث.
فان قلت إذا قام
دليل على وجوب غسل الثوب عند ملاقاة البول ـ مثلا ـ وقام دليل آخر على عدم وجوب
غسله عند ملاقاة البول ، لا يحكم بنجاسة البول لو بني على الأخذ بظاهر الدليل
الثاني ، فما الفرق بينه وبين المقام؟! [ قلت ] : الفرق أن التفكيك بين نجاسة
البول ونجاسة الثوب ممتنع عرفا فانتفاء أحد المدلولين يلازمه انتفاء الآخر ، فيكون
التعارض في الدلالتين الالتزاميتين ، وليس كذلك في مثل ماء البئر ، فإن دليل طهارته
عند ملاقاة النجاسة إنما يدل على اعتصامه في نفسه من تأثير النجاسة فيه ، فلا يدل
بالالتزام على طهارة الشيء الواقع في البئر ، كي يقع التعارض بين الدلالتين.
نعم قد يشكل
الاستدلال المذكور بعدم ظهور أوامر النزح في كونه مطهراً ، لأن مطهرية النزح ليست
موافقة للارتكاز العرفي ، فدلالة النصوص على نجاسة الماء من هذه الجهة لا تكون
ظاهرة كي تلازمها الدلالة على نجاسة الميتة. فتأمل جيداً.
ومنها : ما ورد في
السمن ، أو العسل ، أو الطعام ، أو الشراب ، تموت فيه الفأرة ، أو الجرذ ، أو
الدابة ، أو تقع فيه الميتة ، من الأمر بإلقائها وما يليها ان كان جامداً ،
والاستصباح به ان كان ذائباً. وفي المرق : من الأمر بإهراقه وغسل اللحم. فلاحظ
صحاح معاوية بن وهب ، وزرارة ابن أعين ، والحلبي ، وسعيد الأعرج ، وموثق سماعة
، وغيرها [١].
[١] راجع الوسائل
باب : ٤٣ من أبواب الأطعمة المحرمة. وقد ذكر بعضها في باب : ٥ من أبواب الماء
المضاف ، وبعضها في باب : ٣٥ من أبواب النجاسات. وباب : ٦ من أبواب ما يكتسب به.
وتعشر على أمثالها في نفس
الأبواب.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 300