أنه ورد مثل هذا
النضح في الوضوء من الماء القليل ، لا من جهة منع رجوع الماء ، بل تعبدا. ولعله من
آداب الوضوء والغسل من الماء القليل.
وأشكل من ذلك
الاستدلال بصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع)
: « وسئل عن الماء تبول فيه الدواب ، وتلغ فيه الكلاب ، ويغتسل فيه الجنب قال (ع)
: إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء » [١].
إذ ظاهرها نجاسة الماء
باغتسال الجنب ، ولا يقول به الخصم ، فلتحمل على صورة تلوث بدنه بالمني.
فالعمدة في المنع
الخبر الأول. ويؤيده ما ورد من النهي عن الاغتسال بغسالة الحمام [٢] ، معللا : بأن
فيها غسالة الجنب ، وان كان قد يظهر من تلك الروايات أن المنع من جهة النجاسة لا
من جهة الجنابة.
نعم يظهر الجواز
من صحيح ابن جعفر عن أخيه (ع) الوارد في الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل
منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة؟ قال (ع) ـ في ذيله ـ
: « وان كان في مكان واحد ، وهو قليل لا يكفيه لغسله ، فلا عليه أن يغتسل ويرجع
الماء فيه ، فان ذلك يجزؤه » [٣] وهو في بدو النظر
وان كان مختصاً بصورة عدم وجدان غيره ، لكن الظاهر منه بعد التأمل عموم الحكم ،
لأن الماء الذي يغسل فيه بعض الأعضاء ويرجع الى الساقية أو المستنقع ، مما يكفي في
تحصيل مسمى الغسل لجميع البدن ، بأن يؤخذ قليلا قليلا ، ويمسح
به البدن بنحو يتحقق مسمى الغسل. ويؤيد ذلك قوله (ع) ـ في صدره ـ : « فإن خشي أن
لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات » فالمراد من عدم كفايته عدم كفايته إذا اغتسل
[١] الوسائل باب : ٩
من أبواب الماء المطلق حديث : ١.