أن يكون متهيئاً
للتقاطر عليه فلو وضع في خابية وترك في بيت مثلا لم يجر الحكم المذكور عليه.
وفيه : أن ماء
المطر [ تارة ] : يراد منه النازل من السماء [ وأخرى ] : يراد منه ما كان أصله
كذلك وان كان فعلا في خابية أو مصنع أو نحوهما ولا ريب أن موضوع النصوص والفتاوى
هو الأول ، لا الثاني ، فإن جملة من نصوص انفعال القليل موردها الحياض والغدران
التي أصلها من المطر ، ولا يتوهم المعارضة بينها وبين نصوص الباب ، لما عرفت أن
موردها المعنى الأول ، وكونه جاريا على السطح أو من ميزاب ، أو نحو ذلك لا ينافي
هذا المعنى ، لأن اتصاله بالنازل بتوالي القطرات عليه يوجب الوحدة العرفية بينهما
، فالنازل من السماء قبل الجريان وبعده مع توالي القطرات عليه ، إطلاق المطر ، أو
ماء المطر عليه في الحالين بمعنى واحد.
وكذلك الكلام في
أمثال المقام مثل ماء النهر وماء البئر ، فإنه أيضاً يطلق [ تارة ] : على ما كان
في النهر أو في البئر ، [ وأخرى ] : على ما كان أصله منهما ، فاذا قيل ماء النهر يطهر
بعضه بعضاً، وماء البئر واسع لا يفسده شيء، يكون ظاهراً في المعنى الأول ، فإذا
سئل عن ماء البئر الجاري على
جوانبها ، أو ماء النهر كذلك لا يحمل على المعنى الثاني ، بل هو ظاهر في الأول ،
كما لا يخفى. هذا مضافا الى أن الحمل على الثاني في المقام يقتضي عموم الحكم لصورة
انقطاع التقاطر بالمرة ، وصورة وضعه في خابية ونحوها ، فإخراج الصورتين المذكورتين
لا وجه له. اللهم إلا أن يكون من جهة الإجماع. ولكن الإجماع تعبداً على خروجهما
غير واضح.
وأما التمسك
باستصحاب حكم الجاري ، فيدفعه : أن عموم انفعال القليل حاكم عليه. مع أنه من
الاستصحاب التعليقي ، وهو وان كان معتضداً ـ بالنسبة إلى اعتصامه ـ باستصحاب
الطهارة ، لكنه معارض ـ بالنسبة إلى
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 179