الطهارة ظاهراً
فهو أجنبي عن المقام ، لإمكان أن يكون الوجه في مورده أصالة الطهارة ، كما عرفته
في المسألة الثامنة. أما المقام فلا مجال فيه لأصل الطهارة. أما في المتمم بنجس
فواضح ، لحكومة استصحاب النجاسة عليها وأما في المتمم بطاهر ، فلأن مقتضى عموم
انفعال القليل نجاسة المقدار الطاهر المتمم للنجس كرا ، لملاقاته لذلك النجس.
وأدلة اعتصام الكر مختصة بالكر الملحوظ موضوعا للملاقاة ، فلا بد من ثبوت كريته في
رتبة سابقة على الملاقاة ، فلا يشمل ما نحن فيه. ومن ذلك يظهر أنه لا مجال في
المقام للرجوع إلى عموم : « خلق الله الماء
طهورا ... » [١].
لأنه مخصص بأدلة انفعال
القليل. كما لا مجال لمعارضة استصحاب الطهارة في المقدار الطاهر لاستصحاب النجاسة
في المقدار النجس ـ بناء على عدم اختلاف الماء الواحد في الحكم واقعا وظاهرا ـ والرجوع
الى قاعدة الطهارة. وذلك لأن الرجوع إلى الأصل إنما يكون مع عدم الدليل ، وقد عرفت
الدليل على النجاسة. مع أن ذلك إنما يتم بعد امتزاج الماءين ، لا قبله بمحض
الاتصال ، لعدم ثبوت وحدة حكم الماءين حينئذ ، كما يظهر مما ذكروه في الجاري
والكثير إذا تغير بعضهما حيث ذكروا اختصاص النجاسة بالمتغير لا غير ، كما تضمن ذلك
النص في الكثير أيضاً. مع أن الإجماع على الوحدة في الحكم ظاهراً غير ثابت ،
والمتيقن الوحدة في الحكم واقعاً.
وأما المرسل فضعف
سنده بالإرسال ، واعراض المشهور عنه ، يمنعان عن العمل به. وعمل ابن إدريس به مبني
على اعتقاده رواية المؤالف والمخالف له ، وقد قال المحقق : « والذي رواه مرسلا
السيد والشيخ وآحاد ممن جاء بعده والمرسل لا يعمل به ، وكتب الحديث عن الأئمة (ع)
خالية عنه أصلا. وأما المخالفون فلم أعرف به عاملا سوى ما يحكى عن
[١] الوسائل باب : ١
من أبواب الماء المطلق حديث : ٩.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 171