عدماً لعدم
الموضوع ، والثاني عدماً لعدم المقتضي أو لوجود المانع ، وليس عدم الموضوع دخيلا
فيه ، لفرض وجوده. [ مندفعة ] : بأن هذا الاختلاف لا يستوجب اختلافهما ذاتاً ،
وانما يستوجب اختلافهما منشأ وعلة ، وذلك لا يمنع من إجراء الاستصحاب ، ولا يوجب
التعدد عرفاً ، كما يظهر من ملاحظة النظائر ، فإنه يجوز استصحاب ترك الأكل والشرب
للصائم بعد الغروب ، مع أن الترك الى الغروب كان بداعي الأمر الشرعي ـ وهو منتف
بعد الغروب ـ والترك بعده لا بد أن يكون بداع آخر.
فان قلت : عدم
العارض لما كان نقيضاً لوجود العارض ، ولا بد من وحدة الرتبة بين النقيضين ، ومن
المعلوم أن وجود العارض متأخر رتبة عن وجود المعروض ، فعدم العارض المأخوذ قيداً
في الحكم لا بد أن يكون متأخراً رتبة عن وجود الموضوع ، والعدم الأزلي ليس كذلك ،
لأنه سابق على وجود الموضوع.
قلت : السبق
الزماني على وجود الموضوع لا ينافي التأخر الرتبي عنه فان وجود المعروض وعدمه
نقيضان ، وهما في رتبة واحدة ، ووجود العارض وعدمه نقيضان وهما في رتبة واحدة
أيضاً ، فعدم العارض لما كان بمنزلة المعلول لعدم المعروض كان متأخراً عنه رتبة ،
وهو عين تأخره عن وجود المعروض المتأخر زماناً ، لكون وجود المعروض في رتبة عدمه
فالمتأخر عن أحدهما متأخر عن الآخر ، وتأخر وجود المعروض زماناً لا ينافي ذلك.
وبالجملة : ثبوت
شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، ومقتضى الفرعية الانتفاء عند الانتفاء المعبر عنه
بالسالبة بانتفاء الموضوع ، فاذا وجد زيد بعد العدم صح أن يقال : لم يكن زيد
موجوداً ـ يعني : قبل أن يوجد ـ كما يصح أن يقال : لم يكن زيد هاشمياً ، وبعد ما
تبدل الأول بنقيضه وصح أن يقال : وجد زيد ، فاذا شك في تبدل الثاني بنقيضه يبنى
على بقائه ،
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 136