اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 9 صفحة : 19
..........
المال من قبيل الأول، فلا يختلف الحال فيه باختلاف الناس، و جعل الكثير منه و القليل محقّقا للإكراه. و ما ذكرناه أظهر.
و العبارة الجامعة لذلك كلّه أنه حمل القادر على فعل أو توعّده بما يكون مضرّا بالمحمول ظلما، مع رجحان إيقاعه به لو لم يفعل مطلوبه و عجز [1] عن دفعه.
و تحرير المبحث يتمّ بأمور:
الأول: يستثنى من الحكم ببطلان فعل المكره ما إذا كان الإكراه بحقّ، فإنه صحيح، كإكراه الحربي على الإسلام و المرتدّ، إذ لو لم يصحّ لما كان للإكراه عليه معنى. و له موارد كثيرة ذكرناها فيما سلف [2] من هذا الكتاب. و العبارة الجامعة لها- مع السابقة- أن يقال: ما لا يلزمه في حال الطواعية لا يصحّ منه إذا أتى به مكرها، و ما يلزمه في حال الطواعية يصحّ مع الإكراه عليه.
و لا يخلو الحكم بإسلام الكافر مع إكراهه عليه من غموض من جهة المعنى و إن كان الحكم به ثابتا من فعل النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) فما بعده، لأن كلمتي الشهادة نازلتان في الإعراب عمّا في الضمير منزلة الإقرار، و الظاهر من حال المحمول عليه بالسيف أنه كاذب. لكن لعلّ الحكمة فيه أنه مع الانقياد ظاهرا و صحبة المسلمين و الاطّلاع على دينهم يوجب له التصديق القلبي تدريجا، فيكون الإقرار اللساني سببا في التصديق القلبي.
الثاني: إنما يمنع [3] وقوع الطلاق بالإكراه إذا لم يظهر ما يدلّ على اختياره.