اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 8 صفحة : 413
..........
و شمل إطلاقه عدم وجوب الإرضاع على الأم اللّبأ و غيره، نظرا إلى عموم الأدلّة. و هكذا أطلق الأكثر. و أوجب جماعة منهم العلامة في القواعد [1] و الشهيد [2] إرضاع اللّبأ و هو الموجود عند الولادة، محتجّين بأن الولد لا يعيش بدونه. و هو ممنوع بالوجدان. و لعلّهم أرادوا الغالب، أو أنه [3] لا يقوى و لا تشتدّ بنيته إلا به. و على تقدير وجوبه هل تستحق أجرة عليه؟ قيل: لا، لأنه فعل واجب، و لا يجوز أخذ الأجرة على الواجب. و كلّيته ممنوعة، فإن مالك الطعام يلزمه بذله للمضطرّ و لكن بالعوض باعتراف هذا القائل، و إن كان فيه خلاف أيضا.
إذا تقرّر ذلك فلا خلاف في جواز استيجار الأب لها على إرضاعه على تقدير كونها مطلّقة بائنا، لخروج منافعها عن ملكه حينئذ.
و هل يصحّ استيجاره لها و هي في حباله؟ الأشهر بين الأصحاب الجواز، لعموم قوله تعالى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[4] الشامل للمطلّقة و غيرها.
و فيه نظر، لأن الآية مسوقة للمطلّقات، و ليس محلّ النزاع. و لأصالة الجواز، كما يجوز استيجارها لرضاع غيره.
و القول بالمنع من استيجار الزوج لها و هي في حباله للشيخ في المبسوط [5].
و كذلك منع من استيجارها لخدمته و لخدمة غيره و لرضاع ولد غيره، مستدلّا بأنها عقدت على منافع لا تقدر على إيفائها، فإن زوجها قد ملك الاستمتاع بها