اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 8 صفحة : 34
..........
و ذهب المصنف- (رحمه الله)- في هذا الكتاب و قبله الشيخ في المبسوط [1] و الخلاف [2] إلى عدم الخيار، لأصالة لزوم العقد، فحدوث الخيار يحتاج إلى دليل، و هو منتف في الحرّ، لما روي من أنّ زوج بريرة كان عبدا، و هو أصل الحكم.
و جوابه: أنّ الدليل موجود، و هو الرواية الصحيحة السابقة الدالة بعمومها عليه، و خصوص الروايتين الأخيرتين شاهد صريح و إن ضعف طريقها. و أمّا زوج بريرة فقد اختلفت الروايات فيه، ففي بعضها أنّه كان عبدا، و في آخر أنه كان حرّا.
و على هذا فدلالته على مطلوبنا، و على الأوّل لا يدلّ إلّا من حيث المفهوم المخالف، و هو ضعيف، فكيف مع معارضته للمنطوق؟! و لو كان مبعّضا فأولى بالثبوت.
و كذا المدبّر و المكاتب.
إذا تقرّر ذلك فهذا الخيار على الفور، و يظهر من الجماعة الاتّفاق عليه، اقتصارا في فسخ العقد اللازم على موضع اليقين و الضرورة، و لظاهر قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) لبريرة «ملكت بضعك فاختاري» [3] فإن الفاء للتعقيب بغير مهلة.
و يحتمل كونه على التراخي، لثبوت الخيار في الجملة إجماعا، فيستصحب إلى أن يثبت المزيل. و الفاء اقتضت ثبوت الخيار من حين العتق بلا فصل، و نحن نقول به لكنّه لا ينافي امتداده. و يؤيّده ما روي [4] أنّ مغيثا كان يطوف خلفها في سكك المدينة يترضّاها لتختاره، و طلب من النبيّ (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) أن يشفع له إليها فشفع فلم تقبل، و لو كان على الفور لبطل حقّها بالتأخير و استغنى عن