اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 91
..........
ثالث هو الإمام، أو غيره، فالأقسام أربعة:
الأول: أن يخرج المال الامام، و هو جائز إجماعا منّا و من غيرنا، سواء كان من ماله أو من بيت المال، لأنّ النبيّ [1]- (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)- سابق بين الخيل و جعل بينها سبقا، و لأنّ ذلك يتضمّن حثّا على تعلّم الجهاد و الفروسيّة، و إعداد أسباب القتال، و فيه مصلحة للمسلمين و طاعة و قربة، فكان سائغا.
الثاني: أن يكون المخرج غير الامام، و هو جائز أيضا عندنا و عند أكثر العامّة [2]، لأنّه بذل مال في طاعة و قربة، و طريق مصلحة للمسلمين، فكان جائزا بل يثاب عليه مع نيّته، كما لو اشترى لهم خيلا و سلاحا و غيرها مما فيه إعانتهم على الجهاد. و قال بعض العامّة [1]: «لا يجوز أن يخرج المال غير المتسابقين إلّا الإمام، لاختصاص النظر في الجهاد به. و ضعفه ظاهر، لأنّ تهيئة أسباب الجهاد غير مختصّة به، و عموم الأخبار المسوّغة له في الأصل متناولة لموضع النزاع.
الثالث: أن يخرج المال أحد المتسابقين، بأن يقول أحدهما لصاحبه: إن سبقت فلك عليّ عشرة، و إن سبقت أنا فلا شيء لي عليك. و هو جائز عندنا أيضا، للأصل و انتفاء المانع. و قال المانع من العامّة في السابق لا يصحّ هنا أيضا، لأنّه قمار.
و يندفع- على تقدير تسليمه- بخروجه عنه بالنصّ السابق المتّفق عليه الشامل لموضع النزاع.
الرابع: أن يخرجه المتسابقان معا، بأن يخرج كلّ منهما عشرة مثلا على أن يحوزهما السابق. و هو جائز أيضا مطلقا على الأشهر.
[1] في هامش «و»: «هو مالك بن أنس. منه (رحمه اللّه)». لاحظ حلية العلماء 5: 469 و المغني لابن قدامة 11: 131.