اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 151
..........
و بهذا يرجّح كونها تنفيذا كما ذكره المصنف، و هو مذهب الأصحاب لا يتحقّق فيه خلاف بينهم و إنما يذكر الأخير وجها أو احتمالا و إنما هو قول للعامّة [1]، و المرجّح عندهم ما اخترناه أيضا. و يجاب عما ذكروه في توجيه ذلك الوجه بالمنع من كون التلفّظ بالوصيّة منهيّا عنه و كون النهي في مثل ذلك يقتضي الفساد، و لو سلّم فإنّما يقتضيه لو لم يجز الوارث. و نمنع من كون الزيادة حقّا للورثة، بل هي ملك الموصي غايته أنّ حقّهم قد تعلّق بها و مع الإجازة يسقط كإجازة المرتهن تصرّف الراهن.
إذا تقرّر ذلك فيتفرّع عليه أحكام كثيرة ذكر المصنف منها حكما واحدا، و هو أنه على تقدير كونه تنفيذا لفعل الموصي لا عطيّة لا تفتقر صحّتها إلى قبض من الموصى له، و لو جعلناها عطيّة افتقرت إلى القبض كما تفتقر العطيّة المبتدأة.
و منها: أنّه لا يفتقر إلى تجديد هبة، بل يكفي: أجزت، و أنفذت، و أمضيت، و ما أفاد هذا المعنى. و على العطيّة تفتقر إلى لفظ يدلّ عليها و إن لم يكن بلفظ الإجازة و ما في معناها.
و منها: أنّه لا يفتقر إلى قبول الموصى له بعد الإجازة لو كان قد تقدّم قبوله للوصيّة قبلها. و على العطيّة يفتقر إلى القبول بعد الإجازة بغير فصل معتدّ به كغيرها من العطايا.
و منها: أنّه ليس للمجيز الرجوع و إن لم يحصل القبض من الموصى له حيث لم يعتبر القبض في لزوم الوصيّة. و لو جعلناها عطيّة فله الرجوع فيها ما لم يحصل القبض المعتبر في العطيّة.
و منها: ما لو أجاز الوصيّة و هو لا يعلم بالقدر الزائد على الثلث و لا بقدر التركة صحّت الإجازة بناء على التنفيذ، و على العطيّة المبتدأة يشترط، مع احتمال عدمه بناء على جواز هبة المجهول. و في التذكرة [2] قطع بعدم الاشتراط، و نسبه إلى علمائنا مؤذنا
[1] المغني لابن قدامة 6: 457 بالملاحظة إلى ص: 449.