اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 15
و لا يشترط في الإِبراء القبول، على الأصحّ. (1)
المعنى غير مراد هنا، بل غايته، إذ لا معنى لاستحقاق الإنسان ما في ذمّة نفسه، بل الغاية من ذلك سقوطه، و عبّر عنه بالهبة لتقارب المعنيين و دلالته على المراد عرفا.
و يدلّ على وقوع الإِبراء هنا بلفظ الهبة صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم فيهبها له إله أن يرجع فيها؟ قال: لا» [1] فإنّه لو لم يجعل إبراء بل هبة لما أمكن إطلاق القول بعدم جواز الرجوع، لما سيأتي [2]- إن شاء اللّه تعالى- من جوازه فيها في مواضع كثيرة، بخلاف الإبراء، فإنه لازم مطلقا.
و اعلم أنّ الإِبراء مهموز ففعله الماضي في صيغته يكون مهموزا أيضا، و يجوز تسهيله ألفا من جنس حركة ما قبله على القاعدة العربية. و أصله التخليص، قال الجوهري: تقول: أبرأته ممّا لي عليه و برّأته تبرئة [3].
قوله: «و لا يشترط في الإبراء القبول على الأصحّ».
(1) موضوع هذه المسألة أعمّ من الأولى، لشمولها إبراء كلّ من عليه الحقّ بلفظ الإبراء و الهبة و غيرهما. و قد اختلف الأصحاب في اشتراط القبول في الإبراء مطلقا، فذهب الأكثر إلى عدمه، للأصل، و لأنّه إسقاط لا نقل شيء إلى الملك، فهو بمنزلة تحرير العبد. و احتجّ له بقوله تعالى فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ[4]، حيث اعتبر مجرّد الصدقة و لم يعتبر القبول، و بقوله تعالى: