اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 336
و المسلم إذا وقف على الفقراء (1) انصرف إلى فقراء المسلمين، دون غيرهم. و لو وقف الكافر كذلك، انصرف إلى فقراء نحلته.
أنّ عوده إليها في العبارة بعيد، لتوسّط ما ليس بمراد بين الحكمين و هو الوقف على العصاة المذكورين. و وجه الجواز حينئذ اعتقادهم شرعيّته، و إقرارهم على دينهم.
و هو يتمّ إن لم يشترط في الوقف القربة كما هو ظاهر كلام المصنف- (رحمه اللّه)- حيث لم يتعرّض لاشتراطها، و إلّا أشكل من حيث إنّ ذلك معصية في الواقع فلا يتحقّق معنى القربة فيها، إلّا أن يراد قصدها في الجملة و إن لم يحصل، أو قصدها ممّن يعتقد حصولها. و هذا هو الظاهر.
قوله: «و المسلم إذا وقف على الفقراء. إلخ».
(1) لمّا كان الفقراء جمعا معرّفا مفيدا بصيغة العموم الشامل للمسلمين و الكفّار كان مدلول الصيغة من هذه الحيثيّة شمول الوقف على الفقراء للجميع، إلّا أنّ ذلك مفهوم لغويّ و العرف يخالفه، فإنّه يدلّ على إرادة المسلم فقراء المسلمين و إرادة الكافر فقراء نحلته، فتخصّص به، لأنّ العرف مقدّم. و هذا يتمّ مع تحقّق دلالة العرف و شهادة الحال عليه، فلو انتفت فلا معارض للّغة، إلّا أنّ ثبوتها لمّا كان ظاهرا أطلق- كغيره- الحمل على ما دلّت عليه الآن. و لا فرق بين الوقف على الفقراء مطلقا- كما مثّل- و فقراء بلده أو بلد مخصوص.
نعم، لو لم يكن في البلد المعيّن إلّا فقراء الكفّار حيث يكون الواقف المسلم أو بالعكس و علم الواقف بذلك انصرف إلى الموجود كيف كان، عملا بالإضافة، و حذرا من بطلان الوقف حيث لا مصرف له مع إمكان حمله على الصحّة، و لانتفاء القرينة. و لو لم يعلم بذلك ففي كون الحكم كذلك وجهان، من وجود الإضافة و العموم المتناول للموجود، و من أنّه بعدم العلم لا توجد القرينة الصارفة عن المتعارف. و لعلّ إلحاقه بالأوّل أولى.
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 336