اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 273
و لو و كلّ مسلم ذميّا في ابتياع خمر لم يصحّ.
الملك إلى ذلك الغير دونه عملا بالقصد، كما لو اشترى الأب و الوصيّ للمولّى عليه.
و نبّه بذلك على خلاف أبي حنيفة [1] حيث حكم بأنّه ينتقل أوّلا إلى الوكيل ثمَّ ينتقل إلى الموكّل، محتجا بأنّ حقوق العقد تتعلّق به، كما لو اشتراه بأكثر من ثمن مثله و لم يذكر الموكّل لفظا، فإنّه يدخل في ملكه و لا ينتقل إلى الموكّل، و لأنّ الخطاب إنما جرى معه.
و يضعّف بمنع تعلّق الأحكام به في نفس الأمر، و إنما تعلّقت به في المثال ظاهرا لعدم العلم بقصده، و الخطاب إنّما وقع معه على سبيل النيابة. و يعارض بشراء الأب و الوصيّ، فإنّه وافق فيه على وقوعه للطفل ابتداء. و يلزمه ما ذكره المصنف- (رحمه اللّه)- من لزوم انعتاق أب الوكيل و نحوه ممّن ينعتق عليه لو اشتراه للموكّل، و لم يقل به أحد.
قال العلامة (رحمه اللّه): «أوردت ذلك على بعض الحنفيّة فأجاب: بأنّه في الزمن الأوّل يقع للوكيل و في الزمن الثاني ينتقل إلى الموكّل، فألزمته بأنه لم رجّح الانتقال في الزمن الثاني إلى الموكّل دون العتق؟ فلم يجب بشيء» [2]. و الحقّ أنّه لو انتقل إلى الوكيل كان اللازم ترجيح العتق، لأنّه مبنيّ على التغليب باعترافهم. و له نظائر كثيرة.
قوله: «و لو وكّل مسلم ذميّا في ابتياع خمر لم يصحّ».
(1) كما يشترط كون الوكيل قادرا على أن يلي الفعل لنفسه يشترط كون الموكّل كذلك، فلا يكفي جواز تصرّف أحدهما دون الآخر. و حينئذ فلا يصحّ توكيل المسلم الذميّ في بيع خمر و ابتياعه و إن كان الذمّي يملك ذلك لنفسه. و قد تقدّم [3] مثله في توكيل المحرم محلّا في شراء صيد و بيعه.