اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 26
و لو شرط الغرس و الزرع، افتقر إلى تعيين مقدار (1) كلّ واحد منهما، لتفاوت ضرريهما. و كذا لو استأجر لزرعين أو غرسين مختلفي الضرر.
و هذه الأحكام آتية في المزارعة على الأرض المذكورة، فكان ذكرها في بابها أولى من استطراد حكم الأجنبيّ، أو التعميم. و ربّما قيل في هاتين المسألتين بأنّ المنع مخصوص بالإجارة، أمّا المزارعة عليها فجائزة. و الفرق ابتناء الإجارة على المعلوميّة، لانضباط الأجرة، فلا بدّ من انضباط المنفعة في مقابلتها، بخلاف المزارعة، فإنّ المنفعة- التي هي الحصّة- لما كانت مجهولة تسومح في مقابلتها من العوض ما لا يتسامح في غيرها. و لا بأس به.
قوله: «و لو شرط الغرس و الزرع افتقر إلى تعيين مقدار. إلخ».
(1) أي اشترط في استئجار الأرض الغرس فيها و الزرع معا، فلا بدّ من تعيين مقدار كلّ واحد، لأنّ الغرس أضرّ على الأرض، فيمكن أن يدلّ الإطلاق على الاقتصار من الأخفّ على مسمّاه تحقيقا للجمع، و بالعكس، و بينهما في الضرر اختلاف كثير، فلا بدّ من ضبطه. و كذا القول في شرط الزرعين، كالحنطة و الشعير، فإن زرع الحنطة أضرّ، فلا بدّ من تعيين المقدار. و كذا الغرسان المختلفان بسريان العروق في الأرض.
و يمكن حمل الإطلاق على جعل كلّ واحد منهما في نصف الأرض، لأنّ المتبادر من لفظ التشريك التسوية كما في نظائره، و لأنّ مقتضى الإجارة لهما أن يكون المنفعة المطلوبة كلّ واحد منهما، فعند الجمع يجب التنصيف لئلّا يلزم الترجيح من غير مرجّح. و هذا هو الأقوى. و حينئذ فلا يجب التعيين.
هذا كلّه إذا استأجر لهما مطلقا. أمّا لو استأجرها لينتفع بما شاء منهما صحّ و تخيّر، لأنّ ذلك تعميم في الأفراد، و قدوم على الرضا بالأضرّ. و يبقى الكلام في تعيين النوع الواحد من الزرع و الغرس، و إطلاقه ما تقدّم.
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 26