اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 115
[الخامسة: إذا أعاد الوديعة بعد التفريط إلى الحرز لم يبرأ]
الخامسة: إذا أعاد الوديعة بعد التفريط (1) إلى الحرز لم يبرأ. و لو جدّد المالك له الاستيمان، برئ. و كذا لو أبرأه من الضمان.
المالك أو وكيله فالضمان ظاهر، لأنّه لو دفعها إلى الحاكم أو أودعها الثقة ضمن، فاذا دفنها في مكان يحتمل معه ذهابها رأسا- بأن يتّفق موته فلا يصل مالكها إليها- أولى.
و إن تعذّر الوصول إلى المالك و أمكنه الوصول إلى الحاكم فكذلك. و كذا لو تعذّر و دفنها في غير حرز، أو في حرز و لم يعلم بها الثقة، أو أعلمه و لم يكن تحت يده، بأن يكون في منزل المستودع. و لو كان الموضع في يد الأمين فهو كما لو أودعه، مع احتمال عدمه و هو ظاهر إطلاق العبارة، لأنّه إعلام لا إيداع، و لأنّه لا يلزمه حفظها بمجرّد الإعلام، بخلاف ما لو قبل الوديعة، فإنّه يترتب عليه وجوب ملاحظتها و نقلها من الموضع عند الخطر، و نحو ذلك من لوازم الأمانة. و قطع في التذكرة [1] بالأول. و في الثاني قوة.
هذا كله إذا لم يخش المعاجلة قبل إيصالها إلى من ذكر من المالك و من يترتّب عليه، و إلّا جاز الدفن في موضع أمين. و قد وقعت المعاجلة في كلام المصنف و الجماعة [2] مطلقة، و هي تحتمل أمرين: أحدهما: معاجلة السرّاق قبل ذلك. و هو صحيح، لأنّ حفظها حينئذ لا يكون إلا بالدفن، فيجب و يجزي، لأنّه المقدور.
و يعتبر كونه في حرز مع الإمكان. و لا شبهة حينئذ في عدم الضمان. و الثاني: معاجلة الرفقة إذا أراد السفر و كان ضروريّا و التخلّف عنها مضرّا، فإنّه حينئذ يدفنها في حرز و لا ضمان عليه، لمكان الحاجة.
قوله: «إذا أعاد الوديعة بعد التفريط. إلخ».
(1) إنّما لم يبرأ بالردّ لأنّه قد صار بمنزلة الغاصب بتعدّيه، فيستصحب الحكم بالضمان إلى أن يحصل من المالك ما يقتضي زواله. و يتحقّق ذلك بأمور:
منها: أن يردّه عليه ثمَّ يجدّد له الوديعة. و هذا لا شبهة فيه، لأنّه وديعة مستأنفة