اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 4 صفحة : 77
[السادسة: إذا أذن المرتهن للراهن في البيع و رجع، ثمَّ اختلفا]
السادسة: إذا أذن المرتهن للراهن في البيع و رجع، ثمَّ اختلفا، (1) فقال المرتهن: رجعت قبل البيع، و قال الراهن: بعده، كان القول قول المرتهن، ترجيحا لجانب الوثيقة، إذ الدعويان متكافئان.
قوله: «إذا أذن المرتهن للراهن في البيع و رجع، ثمَّ اختلفا.
إلخ».
(1) وجه التكافؤ: أنّ الراهن يدّعي تقدّم البيع على الرجوع، و الأصل عدمه، و المرتهن يدعي تقدّم الرجوع على البيع، و الأصل عدم تقدّمه أيضا، فتكافأن الأصلان فيتساقطان، و يبقى حكم الرهن على العين باقيا، و هو ترجيح جانب الوثيقة.
و فيه: أنّ أصالة بقاء الرهن معارضة أيضا بأصالة صحّة البيع، لأنّ وقوعه معلوم، كما أنّ وقوع الرهن معلوم، فيتعارضان أيضا و يتساقطان، و يبقى مع الراهن ملكيّة المرهون و صحّة تصرّفه فيه، فإنّ الناس مسلّطون على أموالهم.
فإن قيل: أصالة صحّة العقد مترتّبة على سبقه على الرجوع [1]، فاذا حكم بعدمه لم يمكن الحكم بصحّة العقد.
قلنا: و أصالة استمرار الوثيقة مترتّبة على سبقه على الرجوع للبيع، فاذا حكم بعدمه لم يمكن الحكم بترجيحها. نعم، يمكن دفعه بوجه آخر، و هو أنّ صحّة العقد غير معلومة، لقيام الاحتمال المذكور، و صحّة الرهن معلومة، لوقوعها سابقا جامعة للشرائط، و إنما حصل الشكّ في طروء [2] المبطل، فترجّح، لأنّها أقوى من هذه الجهة.
فإن قيل: إنّ الأصل و إن كان عدم صدور البيع على الوجه الذي يدّعيه الراهن، إلّا أن الناقل عنه قد حصل بصدور البيع مستجمعا لشرائطه، و ليس ثمَّ ما يخلّ بصحّته إلا كون الرجوع قبله. و يكفي فيه عدم العلم بوقوعه كذلك، و الاستناد إلى أصالة بقاء الاذن السابق، لأنّ المانع لا يشترط العلم بانتفائه، بل يكفي عدم العلم بوقوعه، و إلّا لم يمكن التمسّك بشيء من العلل الشرعيّة، إذ لا قطع بانتفاء
[1] في أصل النسخ «الإذن» بدل «الرجوع» و التصحيح من هامش «و» و «ن».