اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 4 صفحة : 324
[الثانية: لو حاش صيدا، أو احتطب، أو احتشّ بنيّة أنّه له و لغيره]
الثانية: لو حاش صيدا، أو احتطب، أو احتشّ بنيّة أنّه له و لغيره لم تؤثّر تلك النيّة، و كان بأجمعه له خاصّة. (1)
العمل بينهم أثلاثا، و يرجع كلّ واحد على الآخرين بثلث أجرة نفسه أو ماله.
فلو فرضنا أنّ السّقّاء حصّل أربعة و عشرين، و كانت أجرة مثله خمسة عشر، و أجرة الدابّة اثني عشر، و الراوية ثلاثة، فلكلّ واحد منهم من الحاصل ثمانية، لأنّه عوض ما لهم بناء على ما اخترناه من جواز التوكيل في حيازة المباح، و سيأتي تحقيقه [1].
ثمَّ يرجع السّقّاء على كلّ واحد منهما بخمسة، و يرجع صاحب الدابّة على كلّ واحد بأربعة، و صاحب الراوية بدرهم. فيأخذان من السّقّاء خمسة، و يعطيانه عشرة، يفضل له ثلاثة عشر. و يأخذان من صاحب الدابّة ستّة، و يعطيانه ثمانية، تبقى معه عشرة. و يأخذان من صاحب الراوية تسعة، و يعطيانه درهمين، يفضل له من المجموع درهم. فالمجتمع معهم أربعة و عشرون هي الحاصل من عوض الماء. و لو حكم بالمجموع للسقّاء، و لم يف بأجرة مثل ما لهما، غرم لهما الزائد.
و إنّما حكم المصنّف هنا بلزوم الأجرة خاصّة لما سيأتي [2] من حكمه بعدم جواز التوكيل في تملّك المباحات.
قوله: «لو حاش صيدا أو احتطب- إلى قوله- و كان بأجمعه له خاصّة».
(1) هذا الجزم إنّما يتمّ لو لم يكن وكيلا للغير في ذلك، و إلّا أتى الإشكال الذي ذكره في توقّف تملّك المباح على النيّة، فإنّا لو قلنا بتوقّفه و كان وكيلا ثبت الملك لهما، و لو قلنا بعدم توقّفه ففي ثبوت الملك للمحيز نظر، من حصول علّة الملك و هي الحيازة فيثبت المعلول، و من وجود المانع للملك، و هو نيّة عدمه، بل إثباته للغير.
و لا يلزم من القول بعدم توقّف تملّك المحاز على النيّة عدم توقّفه على عدم النيّة الصارفة عن الملك، و إلّا لكان الملك قهريّا و إن لم يرده كالإرث، و لا دليل عليه، و إلّا لكان من نحّى حجرا عن الطريق أو عطف غصن شجرة أو حفر حفيرة و شرب منها تملّكها، و لا يجوز لأحد بعده التعرّض له، و هو بعيد جدّا.