اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 13 صفحة : 393
..........
يبيّن ما يستدعيه لأجله، احتياطا للمعزول، و خوفا عليه من الامتهان. فإن ذكر ما يدّعيه عليه، فإن قال: لي عنده حقّ من دين و معاملة و نحوهما، وجب إحضاره و الفصل بينهما، و إن لم يذكر المدّعي أن له بيّنة كغيرها من الدعاوي. و كذا إن قال:
ارتشى منّي، لأن الرشوة غصب، فهي كدعوى غيرها من الأموال.
و إن قال: قضى عليّ بجور، كالقضاء بشهادة فاسقين، فالخلاف فيه في موضعين، ذكر المصنف- (رحمه اللّه)- أحدهما، و قطع بالحكم في الآخر.
أحدهما: في وجوب إحضاره. فقيل: يجب إحضاره مطلقا، كما في غيرها من الدعاوي، و لإمكان أن يقرّ بالحال فيلزمه الحقّ.
و قيل: لإيجاب إلا أن يذكر المدّعي أن له بيّنة عليه بذلك، لأنه أمين الشرع، و الظاهر أن أحكامه وقعت على وفق الصواب، فيعمل بهذا الظاهر إلى أن تقوم الحجّة بخلافه، و لأنه يبطل الدواعي إلى الحكم. و هذا اختيار الشيخ فخر الدين [1](رحمه اللّه).
و قيل: تسمع. و هو الذي قطع به المصنف- (رحمه اللّه)- و الأكثر، لأنها دعوى شرعيّة، و مرجعها إلى المال، فإن القاضي لو أقرّ بذلك لزمه الضمان، فيلحقها ما يلحق غيرها من الأحكام. و هذا هو الأقوى.
و الثاني: على تقدير إحضاره، إما مطلقا أو مع حضور البيّنة، فإذا حضر سأله الحاكم عن ذلك، فإن صادق فعليه الضمان، لأنه قد اعترف بأنه دفع ماله إلى الغير بغير حقّ. و إن أنكر و قال: ما قضيت إلا بعدلين، فإن أقام المدّعي عليه بيّنة