اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 13 صفحة : 348
..........
النوع و أخذ الحقّ من الظالم للمظلوم و الأمر بالمعروف، فيجوز له أخذ الرزق عليه [1] مطلقا إذا لم يكن متعيّنا عليه، سواء كان له كفاية أم لا، لكن يكره له أخذه مع الكفاية، توفيرا له على غيره من المصالح التي لا كافي لها.
و إن تعيّن عليه بتعيين الإمام أو عدم وجود غيره ففي جواز أخذه منه قولان:
أشهرهما: المنع، لأنه حينئذ يؤدّي واجبا، فلا يجوز له أخذ العوض عنه كغيره من الواجبات.
و الثاني: الجواز، لعدم خروجه بالوجوب عن كونه من المصالح، بل أهمّها.
و منع كون فعل الواجب يمنع من أخذ الرزق عليه مطلقا، و لهذا يأخذه المجاهدون و هم قائمون بأهمّ الواجبات.
و على كلّ حال فمع وجود الكفاية من بيت المال لا يجوز له أخذها من المتخاصمين مطلقا. و مع عدمها و وجود الحاجة إليه ففي جواز أخذه منهما أو من أحدهما قولان أشهرهما المنع، لأنه بمنزلة الرشوة المنهيّ عنها، و لأنه واجب في نفسه و إن لم يكن متعيّنا، و الواجب لا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقا.
و المصنف- (رحمه اللّه)- اختار الجواز مع عدم التعيين و حصول الضرورة، و إن كان قد جعل الترك أولى، لما في تركه حينئذ مع وجودها من تعطيل هذه الوظيفة الدينيّة، فإنه إن جاز له ترك القضاء حينئذ و الاشتغال بالكسب تعطّلت