اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 11 صفحة : 94
و تقبل وصيّة المريض (1) في الثلث، و إن لم يجز الورثة. و كذا إقراره للوارث و الأجنبي مع التهمة، على أظهر القولين.
و من أن الإقرار كالبيّنة، و هي توجب تقديم حقّ من أقيمت له بعين و مشاركته في الدّين.
و الوجه عدم النفوذ في حقّ الغرماء مطلقا، بل إن كان الإقرار بدين و فضل عن الغرماء شيء من ماله أخذ منه، و إلا انتظر يساره. و إن كان بعين، فإن فضلت دفعت إلى المقرّ له و إلا لزمه مثلها أو قيمتها لأدائها عن دينه بأمر الشارع، فيلزمه الضمان. و قد تقدّم البحث [1] في هذه المسألة مستوفى في باب الفلس، و لكنّه أعادها لمناسبة المقام.
قوله: «و تقبل وصيّة المريض. إلخ».
(1) قد تقدّم البحث [2] في أن وصيّة المريض من الثلث، و لا دخل له بهذا الكتاب. و إنما الكلام في إقراره إذا مات في مرضه، و قد اختلف الأصحاب فيه بسبب اختلاف الأخبار ظاهرا، فقيل [3]: ينفذ من الأصل مطلقا، لعموم: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز». و لأنه لم يفوّت الوارث شيئا في المرض، و إنما أخبر بما هو حقّ عليه في حال الصحّة، لأن هذا هو الفرض، إذ لو أقرّ بفعل ما يتوقّف على الثلث في المرض كالهبة فلا إشكال في كونه من الثلث. و لأن المريض قد يريد إبراء ذمّته من حقّ الوارث و الأجنبي فلا يمكن التوصّل إليه إلا بالإقرار، فلو لم يقبل منه بقيت ذمّته مشغولة، و بقي المقرّ له ممنوعا من حقّه، و كلاهما مفسدة، فاقتضت الحكمة قبول قوله.