اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 11 صفحة : 54
..........
الأولى و قال: هذه الّتي أقررت بها و قد كانت وديعة تلفت [1] و هذه بدلها، فإن لم يقبل في الصورة الأولى فهاهنا أولى، و إن قبلنا قوله فوجهان هنا:
أحدهما- و هو الذي قطع به المصنف- (رحمه الله)-: القبول، لجواز أن يريد: له ألف في ذمّتي إن تلفت الوديعة، لأنّي تعدّيت فيها، أو يريد كونها وديعة في الأصل و أنها تلفت و وجب بدلها في الذمّة، و غايته إرادة المجاز و هو كون الشيء في الذمّة وديعة باعتبار أن سببها كان في الذمّة، و المجاز يصار إليه بالقرينة.
و الثاني: العدم، لأن العين لا تثبت في الذمّة، و الأصل في الكلام الحقيقة.
و قد تقدّم [2] كثير من الدعاوي المجازيّة في الإقرار و لم يلتفت إليها، فلا وجه لتخصيص هذه. و هذا لا يخلو من قوّة.
الثالثة: لو قال: لك في ذمّتي ألف و هذه هي التي أقررت بها و قد كانت وديعة حين الإقرار، لم يقبل، و يلزمه ألف أخرى لأن ما في الذمّة لا يكون وديعة، فإن الوديعة هي العين المستناب في حفظها و ما في الذمّة لا يكون عينا.
و الفرق بين هذه المسألة و بين المسألتين السابقتين واضح. أما الأولى فلأنه لم يصرّح فيها بكون المقرّ به في الذمّة فلا ينافي كونه وديعة ابتداء. و أما الثانية فلأنه و إن صرّح بكونها في الذمّة المنافي لكونها وديعة إلا أنه ادّعى أن الذي أحضره بدلها لا عينها، فرفع التنافي بتأويله. و أما الثالثة فقد جمع فيها بين وصفها بكونها في الذمّة و كونها وديعة من غير تأويل، فلهذا لم تسمع.