اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 11 صفحة : 525
..........
بأن الأصل في الصيد انفكاك الملك عنه، و إنما حصل ملكه باليد و قد زالت. و لأنه قد أزال ملكه باختياره عمّا ملكه فيزول، لأن القدرة على الشيء قدرة على ضدّه.
و الأصحّ الأول. و الأصل قد انقطع بالتملّك. و لا يلزم من كون اليد سببا في الملك كون زوالها سببا في عدمه، لأن المرجع في الأسباب إلى نصب [1] الشارع، و قد ثبت جعله اليد سببا في الملك دون العكس. و استلزام القدرة على الملك القدرة على ضدّه لو سلّم إنما يتمّ بفعل سبب يوجبهما لا مطلقا، كما أنه لا قدرة له على التملّك بدون السبب الشرعي.
و يتفرّع على زوال ملكه عنه ملك من يصيده ثانيا له، و ليس للأول انتزاعه منه. و على القول بعدمه هل يكون نيّة رفع ملكه عنه أو تصريحه بإباحته موجبا لإباحة أخذ غيره له؟ وجهان:
أحدهما: العدم، لبقاء الملك المانع من تصرّف الغير فيه.
و أصحّهما: إباحته لغيره، لوجود المقتضي له، و هو إذن المالك فيه، و هو كاف في إباحة ما يأذن في التصرّف فيه من أمواله، فلا ضمان على من أكله.
و لكن يجوز للمالك الرجوع فيه ما دامت عينه موجودة، كنثار العرس، و كما لو وقع منه شيء حقير ككسرة خبز فأهمله، فإنه يكون مبيحا له، لأن القرائن الظاهرة كافية في الإباحة، و يوضحه ما يؤثر عن الصالحين من التقاط السنابل لذلك.
و أما الاستدلال بهذا على خروج الصيد عن ملكه مطلقا فليس بجيّد، لأن إهمال الحقير إنما يفيد الإباحة كما يقتضيه كلام المصنف و غيره [2]، فكيف يجعل