يكون عزيمة كما في
المقصّر فلمكان هذا الاحتمال رفع الحرج في الاستعجال والتأخر دلالة على التخيير
بين الأمرين ، أو بأن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل المستعجل آثما ومنهم
من يجعل المتأخر آثما فبيّن الله تعالى أن لا إثم على واحد منهما ، أو بأن المعنى
في إزالة الإثم عن المتأخر إنما هو لمن زاد على مقام ثلاثة أيام فكأنه قيل : إن
أيام منى التي ينبغي المقام فيها ثلاثة فمن نقص فلا إثم عليه ومن زاد على الثلاثة
ولم ينفر مع عامة الناس فلا شيء عليه ، أو بأنه من باب رعاية المقابلة والمشاكلة
مثل ( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها )[١] بل هنا أولى ،
لأن المندوب يصدق عليه أنه لا إثم على صاحبه فيه وجزاء السيئة ليس سيئة أصلا ، أو
بأن المراد رفع الوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهّم أحد أن تخصيص التعجيل
بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير ، وقد أشار الصادق عليهالسلام إلى ذلك في صحيحة أبي أيوب حيث قال : « إن الله جلّ ثناؤه
يقول ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) فلو سكت لم يبق
أحد إلاّ تعجّل ولكنه قال : ( وَمَنْ تَأَخَّرَ
فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ )[٢].
وأما قوله عزّ
وجلّ ( لِمَنِ اتَّقى ) فقيل : إن معناه
ذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر لأجل الحاج المتقي كي لا يتخالج في
قلبه إثم منهما [٣]. وقيل : معناه أن هذه المغفرة إنما تحصل لمن كان متقيا قبل
حجه كقوله ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
)[٤] أو لمن كان متقيا من المحظورات حال اشتغاله بالحج [٥]. وقيل : إن معناه
ذلك التخيير إنما يثبت لمن اتقى