يلزم منه منع من
عليه صلوات كثيرة أن يأكل شبعا ، أو ينام زائدا على الضرورة ، أو يتعيش إلاّ
لاكتساب قوت يومه له ولعياله ، وأنّه لو كان معه درهم ليومه حرم عليه الاكتساب حتى
تخلو يده ، والتزام ذلك مكابرة صرفة ، والتزام سوفسطائي. ولو قيل : قد أشار أبو
الصلاح الحلبي إلى ذلك ، قلنا : فنحن نعلم من المسلمين كافة خلاف ما ذكره ، فإن
أكثر الناس يكون عليهم صلوات كثيرة ، فإذا صلى الإنسان منهم شهرين في يومه استكثره
الناس [١].
وأما الآية فلو
سلم اختصاصها بالفائتة لم تدل على أزيد من الوجوب ، ونحن نقول به ، ولا يلزم منه
التضييق ، مع أن الظاهر تناولها للحاضرة والفائتة ، وذلك كاف في الاستدلال بها على
وجوب الفائتة.
وذكر المفسرون [٢] أن معنى قوله
تعالى ( لِذِكْرِي ) أنّ الصلاة تذكر
بالمعبود وتشغل اللسان والقلب بذكره. وقيل : إنّ المراد لذكري خاصة ، لا ترائي بها
ولا تشبها بذكر غيري [٣]. وقيل : إنّ المراد لأني ذكرتها في الكتب وأمرت بها [٤]. وهذه الوجوه
كلها آتية في مطلق الصلاة الحاضرة والفائتة.
وأما عن الرواية
فبالحمل على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة ابن سنان المتضمنة للأمر بتقديم
الحاضرة على الفوائت المتعددة [٥] ، وإعمال الدليلين أولى من اطراح أحدهما ، خصوصا مع اشتهار
استعمال الأوامر في الندب.
واعلم أنّ العلامة
في المختلف استدل برواية زرارة المتقدمة على وجوب تقديم فائتة اليوم ثمّ قال : لا
يقال هذا الحديث يدل على وجوب الابتداء بالقضاء في اليوم الثاني ، لأنه عليهالسلام قال : « وإن كان
المغرب والعشاء قد