القبلة بالعلامات
المفيدة للعلم أو الاجتهاد المفيد للظن أو ينتفي الأمران.
وربما ظهر من قولهم
: فإن جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظن ، عدم جواز التعويل عليها للمتمكن من
العلم إلا إذا أفادت اليقين. وهو كذلك ، لأن الاستقبال على اليقين ممكن فيسقط
اعتبار الظن.
وقد قطع الأصحاب
بعدم جواز الاجتهاد في الجهة والحال هذه ، لأن الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق
واتفاقهم ممتنع. أما في التيامن والتياسر فالأظهر جوازه لعموم الأمر بالتحري [١]. وربما قيل
بالمنع منه [٢] ، لأن احتمال إصابة الخلق الكثير أقرب من احتمال إصابة
الواحد ، ومنعه ظاهر. قال في الذكرى : وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة
في قبلة مسجد دمشق وإنّ فيه تياسرا عن القبلة مع انطواء الأعصار الماضية على عدم
ذلك [٣].
قوله
: ( ومن ليس متمكنا من الاجتهاد كالأعمى يعول على غيره ).
إطلاق العبارة
يقتضي عدم الفرق بين من كان عالما بالأمارات لكنه ممنوع منها لعارض كغيم ونحوه ،
أو جاهلا بها مع عدم القدرة على التعلّم كالعامي مع ضيق الوقت ، أو غير متمكن من
الاجتهاد أصلا كالأعمى. وبهذا التعميم قطع الشيخ في المبسوط [٤] ، وابن الجنيد [٥]. وظاهر كلامه في
الخلاف [٦] المنع من التقليد للأعمى وغيره ، ووجوب الصلاة إلى الجهات
الأربع مع السعة ، والتخيير مع الضيق. والمعتمد الأول.
[٢] كما في نهاية
الأحكام ١ : ٣٩٣. قال : ولو اجتهد فأداه اجتهاده إلى خلافها ( يعني المحاريب ) فان
كانت بنيت على القطع لم يجز العدول إلى اجتهاده وإلاّ جاز.