لنا : إنّ قول
العدل أحد الأمارات المفيدة للظن فكان العمل به لازما مع انتفاء العلم ، وعدم
إمكان تحصيل ظن أقوى منه ، لقوله عليهالسلام : « يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة » [١].
احتج الشيخ في
الخلاف بأن الأعمى ومن لا يعرف أمارات القبلة إذا صلّيا إلى أربع جهات برئت ذمتهما
بالإجماع ، وليس على براءة ذمتهما إذا صلّيا إلى واحدة دليل. ثم استدل على التخيير
مع الضرورة بأن وجوب القبول من الغير لم يقم عليه دليل ، والصلاة إلى الجهات
الأربع منفي بكون الحال حال ضرورة فثبت التخيير [٢]. وجوابه معلوم
مما ذكرناه.
والمراد بالتقليد
هنا قبول قول الغير سواء كان مستندا إلى الاجتهاد أو اليقين. وإنما يسوغ تقليد
المسلم العدل العارف بالعلامات ، فإن تعذر العدل فالمستور [٣] ، فإن تعذر فغيره
وإن كان كافرا إذا أفاد قوله الظن.
وبالجملة : فحيث
ثبت جواز التعويل على الظن في هذا الباب وجب دوران الحكم معه ، لكن كما يجب تقديم
العلم على الظن كذا يجب تقديم أقوى الظنين على الآخر.
ومن هنا يعلم أن
المكفوف لو وجد محرابا فهو أولى من التقليد ، وكذا الركون إلى المخبر عن علم أولى
من الركون إلى المجتهد ، وكذا الكلام مع الاختلاف في العدالة والضبط والتعدد.
قوله
: ( ومن فقد العلم والظن ، فإن كان الوقت واسعا صلى الصلاة إلى أربع جهات ، لكل
جهة مرة ).