استيفاء المقدّر
ونزح الجميع فيما يجب فيه ذلك قطعا.
وأجاب عنها الشيخ
ـ رحمهالله ـ في الاستبصار : بأن المعنى أنه لا يفسده شيء إفسادا لا يجوز الانتفاع بشيء
منه إلاّ بعد نزح جميعه ، إلاّ ما يغيره ، فأما ما لم يتغير فإنه ينزح منه مقدار
وينتفع بالباقي [١]. هذا لفظه.
ويرد عليه أنّ عدم
جواز الانتفاع بشيء منه يتحقق مع عدم التغير أيضا في كثير من النجاسات عند
القائلين بالتنجيس ، كما أنه قد يجوز الانتفاع ( بالبعض ) [٢] مع التغير في بعض
آخر ، فإطلاق القول بعدم جواز الانتفاع بشيء منه مع التغير ، وجوازه مطلقا بدونه
، غير مستقيم.
قال بعض الفضلاء :
ويتوجه عليه أنّ دلالة هذا الخبر على عدم نجاسته بشيء من قبيل دلالة اللفظ بعمومه
، ودلالة ما دل على نجاسته بأشياء مخصوصة خاص ، والخاص مقدم ، وأيضا فإنّ الحصر
المستفاد منه متروك الظاهر ، للقطع بنجاسة الماء مطلقا بتغير لونه [٣].
وأقول : إن ما
ادعاه من وجود الأدلة الخاصة على نجاسته بأشياء مخصوصة لم نقف عليه ، ولعله أشار
بذلك إلى الروايات المتضمنة للأمر بالنزح لوقوع الأعيان المخصوصة فيه [٤] ، وهو لا يدل على
النجاسة بشيء من الدلالات ، لأن النزح لا ينحصر وجهه في ذلك ، بل من الجائز أن
يكون لطيبة الماء ، وزوال النفرة الحاصلة من وقوع تلك الأعيان