قوله
: ولا يطهر بزوال التغير من نفسه ، ولا بتصفيق الرياح ، ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه
تزيل عنه التغير.
ما اختاره المصنف
ـ رحمهالله ـ من عدم الاكتفاء في طهارة الكثير من المحقون المتغير بالنجاسة بزوال تغيره
بغير المطهر أشهر القولين في المسألة وأظهرهما ، استصحابا لبقاء حكم النجاسة إلى
أن يثبت المزيل لها شرعا ، ومرجعه إلى عموم الأدلة الدالة على نجاسته بالتغير ،
فإنها شاملة لتلك الحالة وما بعدها ، فيقف زوالها على حصول ما عدّه الشارع مطهرا.
وذهب الفاضل يحيى
بن سعيد في الجامع إلى أنه يطهر بذلك [١] ، بناء على ما ذهب إليه من أنّ الماء النجس يطهر بالإتمام
، وهو في الحقيقة لازم لكل من قال بذلك. وربما صار بعض القائلين بعدم طهارة المتمم
إلى الطهارة هنا أيضا ، مستدلا بأن الأصل في الماء الطهارة ، والحكم بالنجاسة
للتغير ، فإذا زالت العلة انتفى المعلول. [٢].
وأجيب عنه بأن
المعلول هنا هو حدوث النجاسة لا بقاؤها ، وقد تقرر في الأصول أن البقاء لا يحتاج
إلى دليل في نفسه ، إذ الأصل أنّ ما ثبت دام إلى وجود قاطع ، وذلك معنى الاستصحاب.
وفيه بحث ، فإن كل ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ، فلا بد لدوامه من سبب
ودليل سوى دليل الثبوت.
والحق أنّ
الاستصحاب ليس بحجة إلاّ في ما دل الدليل على ثبوته ودوامه ،
[٢] ذهب الى ذلك من
العامة ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير على متن المقنع ( ١ : ٥٩ ، ٦٤ ) ، ولم
يذهب الى ذلك أحد من الخاصة ، كما هو المستفاد من كلام العلماء ، نعم احتمل
العلامة في النهاية ( ١ : ٢٥٨ ) الطهارة هنا مع قوله بعدم طهارة القليل بإتمامه
كرا في ص (٢٥٧).