ولا يخفى ما في
هذه الأدلة من التدافع. والأجود الاستدلال على الطهارة بالأصل السالم عما يصلح
للمعارضة ، فإن الروايات المتضمنة لنجاسة القليل بالملاقاة لا تتناول ذلك صريحا
ولا ظاهرا ، وتخرج الروايات الدالة على طهارة ماء الاستنجاء شاهدا.
ويظهر من الشهيد
في الذكرى الميل إلى ذلك ، فإنه اعترف بأنه لا دليل على النجاسة سوى الاحتياط [١]. ويرد عليه : أن
الاحتياط ليس بدليل شرعي إلاّ أن المصير إليه أولى.
وينبغي التنبيه
لأمور :
الأول : ذكر جماعة
من الأصحاب أنّ من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة [٢]. وهو الذي صرح به
المرتضى في جواب المسائل الناصرية [٣] ولا بأس به ، لأن أقصى ما يستفاد من الروايات انفعال
القليل بورود النجاسة عليه [٤] فيكون غيره باقيا على حكم الأصل.
وربما ظهر من كلام
الشهيد في الذكرى [٥] عدم اعتبار ذلك ، فإنه مال إلى الطهارة مطلقا ، واستوجه
عدم اعتبار الورود في التطهير. وهو مشكل ، لنجاسة الماء بورود النجاسة عليه عنده.
اللهم إلاّ أن نقول : إن الروايات إنما تضمنت المنع من استعمال القليل بعد ورود
النجاسة عليه وذلك لا ينافي الحكم بطهارة المحل المغسول فيه ، لصدق الغسل مع
الورود وعدمه. وسيجيء تمام الكلام في هذه المسألة إن شاء الله تعالى.
الثاني : اختلف
القائلون بعدم نجاسة الغسالة في أن ذلك هل هو على سبيل العفو