أبي جعفر وابى عبد الله عليهما السّلام أنّهما قالا في الرّجل يكون في بعض
هذه الأهواء ، الحروريّة ، والمرجئية ، والعثمانية ، والقدريّة ، ثم يتوب ، ويعرف
هذا الأمر ، ويحسن رأيه ، أيعيد كل صلاة صلّاها ، أو صوم أو زكاة أو حج ، أو ليس
عليه إعادة شيء من ذلك؟ قال : ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة ، ولا بدّ
أن يؤدّيها ، لأنه وضع الزكاة في غير موضعها ، وانّما موضعها أهل الولاية [١].
واعلم أنّ ظاهر
هذه الروايات هو صحّة عباداتهم ، والأجر عليها ، والثواب ، وأداء فريضة الله عليهم
، بعد الاستبصار ، من غير قيد بعدم الإخلال بركن ، والصحة ، ولكن يمكن أخذه من جهة
ان الذي يثاب ، ويؤجر عليه ، وفريضة الله ، هو العبادات الصحيحة ، لا غير.
الّا أنّ
الظاهر انه يكفى كونها كذلك بحسب ظن الفاعل ، لا في نفس الأمر ، لأنّ الذي فعل في
حال الضّلالة ، الظاهر أنه انما فعل ما يعتقد صحته ، وفرض الله عليه ، لا غير ،
وقد حكم في الروايات بذلك من غير قيد أصلا ، فلا يبعد كون القيد المأخوذ بالاجتهاد
هو الصحيح باعتقاد الفاعل ومذهبه ، فتأمل.
وانّها تدل على
صحة عباداتهم بعد الاستبصار ، فكأنّها موقوفة فإن استبصر صحّت وأثيب وأو جر عليها
، والّا ردّت وعوقب ، كما يدل عليه بعض الروايات [٢] الدالة على ان الاعمال بغير ولاية أهل البيت عليهم
السّلام ليست بنافعة ، ويكون ذلك مراد من اشترط الايمان في الصحة ، وحكم بالبطلان
بدونه ، مع قوله : بعدم وجوب القضاء بعد الايمان وصحة العبادات ، كما يدل عليه
كلام
[١] الوسائل الباب ٣
من أبواب المستحقين (في كتاب الزكاة الرواية ٢.
[٢] الوسائل الباب ٢٩
من أبواب مقدمة العبادات قال أبو جعفر عليه السّلام (مخاطبا لابن مسلم) : يا محمد
ان أئمة الجور وتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلّوا وأضلّوا فأعمالهم كرماد
اشتدت به الريح في يوم عاصف الرواية (وغيرها فراجع).
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 6 صفحة : 100