وأقول : قول
الشيخ قوي جدّا ، لان الهارب إما مختار أو مكره ، فان كان مختارا فلا ضمان ، وان
كان مكرها ، فغايته ان يكون مثل مسألة ، (اقتل نفسك أو لأقتلنك) فقتل نفسه ، فإنه
يبعد الضمان ، إذ لا معنى للخلاص عن الهلاك بالهلاك.
يدلّ على ضمان
المخيف ـ مضافا إلى العقل ـ صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال :
سألته عن رجل (الرجل ـ ئل) ينفر برجل (بالرجل ـ ئل) فيعقره ويعقر دابّته رجل آخر؟
قال : هو ضامن لما كان من شيء [١].
فيلزم منه ضمان
وقوع إلقائه في بئر ونحوه ، بل الذي فرّ من شيء بسببه فوقع فيه [٢] ، فافهم.
واعلم انه
ينبغي تقييد الاعمى بما إذا لم يعرف أن في طريقه بئرا ولم يكن هناك طريق آخر.
وان السبع وان
كان مختارا لكن لا ضمان عليه ، فلا ضمان على المسبب إلّا إذا عرف الهارب أنه في
ذلك الطريق سبع ، وهناك طريق آخر أسلم.
مع انه لا فرق
بين البئر والسقف ، وبين السبع في ان الاعمى معذور بخلاف المبصر.
وان كون قول
الشيخ قويّ جدا ، غير ظاهر ان كان الفار غير عالم بأنّ في طريقه بئرا أو سبعا أو
سقفا أو عالما ولكن اضطر بسبب الإخافة ، فالضمان على المخيف ، بخلاف من قتل نفسه
بقوله : (اقتل نفسك والّا أقتلك) ، فتأمّل.
[١] الوسائل باب ١٥
حديث ١ من أبواب ما يوجب الضمان ج ١٩ ص ١٨٨.