وليس ذلك في الجرح ، مع اختلاف العلماء في أسباب الجرح ، فربّ شيء يراه
الجارح قادحا ، لم يكن كذلك عند الحاكم.
ويؤيّده احتمال
الاشتباه والسهو والنسيان. فلا يرد أنّ ذلك مشترك بين الجرح والتعديل ، فإنّ
الاختلاف في أحدهما عين الاختلاف في الآخر ، وكذا الاشتباه والنسيان ، لما قلنا
أنّ ذلك التفصيل فيه ممّا لا يمكن إيجابه ، لاستلزامه التعطيل المنافي لغرض نصب
الحاكم وأنّ الاشتباه والنسيان مؤيّد ، ولو اكتفى بالإجمال فهو مثل قوله : (عدل).
نعم لو فرض
كونهما عالمين بحيث لو كان سبب الجرح والتعديل خلاف مذهب القاضي لصرّحا به مع ظهور
حالهما عند الحاكم من عدم الاشتباه والسهو والنسيان ظاهرا ، بل لم يكن محتملا ، أو
كان ولكن يكون بعيدا غاية العبد لم يحتج إلى التفصيل فيهما ، وهو مذهب بعض
المحقّقين في الأصول كالمصنّف.
فلا يرد عليه
أنّ الفرض علمهما وضبطهما ، فلم يكن هذا المذهب ضعيفا كما قيل.
وبالجملة ينبغي
التفصيل خصوصا في الجرح ، واستفسار طريق شهادته ، فإنّ المعتبر عندهم هو العلم فيه
كما سيجيء ، وحصوله من غير اشتباه ، قليل في العدالة سيّما مع الريبة ، ولو كانت
من جهة المعارضة فقط ، فتأمّل.
قوله
: «ولو اختلف الشهود إلخ». أراد بالشهود المزكّي والجارح.
اعلم أنّ باب
الترجيح باب عظيم النفع ، لكن من مشكلات أبواب الأصول والفقه ، وقد تبيّن في محله.
ومنها الترجيح
بين المزكّي والجارح فنقول : إن زكّي عدل شخصا وجرحه آخر ، فهما بمنزلة تعارض
الدليلين على حكم واحد ، فإن أمكن الجمع بينهما بوجه ،
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 12 صفحة : 77