ورواية فضيل (الفضل
ـ ئل) بن عياض ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن المؤمن يغبط ولا يحسد ،
والمنافق يحسد ولا يغبط [١].
وهذه إشارة إلى
ما ذكرنا من تحريم الحسد دون الغبطة.
ثم إن ظاهر هذه
الأخبار أنّ الحسد كبيرة بل كاد أن يكون كفرا ، وظاهرها أعم من أن يكون المحسود
مؤمنا أم لا ، بل مسلما أم كافرا ، فتأمّل.
فإن أوّلت بحيث
لم تكن كبيرة ، فيكون إخلاله بالشهادة باعتبار الإصرار والمداومة كغيره ممّا تقدّم
وتأخّر.
والظاهر أن
الحسد مطلقا ذنب سواء أظهر أم لم يظهر ، ولكنّ إخلاله بالشهادة إنما يكون إذا كان
ظاهرا حتى يعلم ، مثل سائر الذنوب ، لا أنه لو لم يظهر لم يكن ذنبا ، فلو كان
ساترا لم يعاقب ولم تردّ ولم يكن فاسقا ، كما يتوهّم من بعض العبارات حيث قيّد
بظهور الحسد.
وكذا بغض
المؤمن مطلقا ظهر أم لا ، فإنه حرام ، بل نقل الإجماع على تحريمه وتحريم الحسد
واستفاضة الأخبار عليه.
قال في شرح
الشرائع : لا خلاف في تحريم هذين الأمرين ، والتهديد عليهما في الأخبار مستفيض ،
وهما من الكبائر [٢].
ثم قال :
والمراد ببغض المؤمن كراهته واستثقاله لا بسبب دينيّ كفسق فيبغضه لأجله ، سواء
قاطعه مع ذلك أم لا ، فان هجره فهما معصيتان ، وقد يحصل كلّ منهما بدون الآخر [٣].
[١] الوسائل باب ٥٥
حديث ٧ من أبواب جهاد النفس ، ج ١١ ص ٢٩٣.
[٢] تتمّة عبارة شرح
الشرائع : فيقدحان في العدالة مطلقا ، وإنما جعل التظاهر بهما قادحا لأنهما من
الأعمال القلبيّة ، فلا يتحقّق تأثيرهما في الشهادة إلّا مع إظهارهما وإن كانا
محرّمين بدون الإظهار. والمراد إلخ.