ويمكن حمل
رواية السكوني المتقدمة عليه ، للجمع بين الأدلّة.
قال في المختلف
: وما قاله ابن حمزة ليس بعيدا من الصواب ، لأنه متمكّن من أداء ما وجب عليه ،
وإيفاء صاحب الدين ، فيجب عليه كما يجب عليه السعي في المئونة.
ولأنه مع
تمكّنه من الكسب لا يكون معسرا ، لأن اليسار كما يتحقق بالقدرة على المال ، يتحقق
بالقدرة على تحصيله ، ولهذا منع القادر على الكسب من أخذ الزكاة.
وهذه الأدلة لا
بأس بها ، إلّا أنها لا تدل على ما ذكره من مذهب ابن حمزة من تسليم المدين إلى
الغريم ليستعمله ، فيمكن كون ذلك كناية عن وجوب الكسب إذا كان ذا كسب وحرفة يقدر
معها من تحصيل ما يصرفه في الدين ، ولكن لا يكون مفوّتا لما يجب عليه ، ولا يكون
شاقا لا يتحمّل مثله عادة فيكون الكسب لتحصيله واجبا ، كما إذا كان عنده عروض من
غير جنس ما يجب عليه ، يجب عليه أن يبيع ويحصّل ما هو من جنس ما عليه على أيّ وجه
كان ، فتأمّل. فيأمره الحاكم بذلك ، فإن لم يفعل يستعمله الحاكم ، أو يوكّل عليه
الغريم ليستعمله ويأخذ ما حصل.
وذلك غير بعيد
، للجمع بين الحقين ، ولأن الكسب ممّا يتوقف عليه الواجب ، إذ وفاء الدين واجب مع
القدرة ، ولا شك أنّ صاحب الحرفة والصنعة على الوجه المفروض قادر ، ولا تنافيه آية
النظرة إلى الميسرة ، فإنها مقيّدة بذي عسرة ، وقد يمنع كون المفروض كذلك ، إذ
المتبادر منه إلى الذهن العاجز على الوجه المتعارف بالكلّية ، فتأمّل فيه.
وإن لم يعلم إعساره
وعلم أنه كان له مال ـ ولو كان ذلك المال هو المدّعى به ، وأصل الدعوى بأن كان
قرضا عنده ، أو ثمن مبيع مردود إليه بعيب ونحوه ـ كلّف بالبينة على تلف ذلك المال
، وإن لم يكن له بينة بذلك ، قالوا : يحبس حتى
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 12 صفحة : 134