أقم عليه الحدّ إذا جهله الّا أن تقوم عليه
بينة أنّه قد أقرّ بذلك و عرفه[1].
و لكن قد فرّق الشيخ الأنصاري قده بين ما إذا كان الضروري مطلوبا فيه
العمل كالصلاة و الزكاة و الصوم و بين الضروري الذي يكون المطلوب فيه الاعتقاد
فحكم بعدم حصول الكفر بإنكار الأول- أي المطلوب فيه العمل إذا كان الإنكار عن قصور
و علّله بأنّه يبعد أن لا يحرم على الشخص شرب الخمر (لجهله بحرمتها) و يكفّر بترك
التديّن بحرمته.
و أمّا إذا كان المطلوب فيه الاعتقاد كالاعتقاد بالمعاد و الجنّة و
النّار فالواجب عليه هو الاعتقاد دون العمل نظير الاعتقاد بالمبدإ و نبوة نبيّنا
(صلّى اللّه عليه و آله) فكما أنّ غير المعتقد بألوهيّة اللّه تعالى أو بنبوّة
نبيّنا ص يكون كافرا و إن كان عن جهل قصور- غاية الأمر يكون معذورا و من المرجين
لأمر اللّه- فكذا فيما نحن فيه مما يكون الاعتقاد فيه مطلوبا و بهذا الوجه جمع
قدّس سرّه بين الأخبار الدالّة على كفر منكر الضروري و هذه الأخبار الدالّة على
معذوريّة الجاهل.
و يرد عليه أنّه يلزم ممّا ذكره قده أنّ المجتهد إذا أفتى على خلاف
الواقع يصير كافرا إذا كان اجتهاده عن تقصير في مقدماته كالقياس و لم يقل به أحد.
و ايضا ما الفرق بين ما إذا كان المطلوب منه العمل و بين ما إذا كان
المطلوب منه الاعتقاد و ما الدليل على هذا الفرق و ما الدليل على إلحاق ما كان
المطلوب منه الاعتقاد بمنكر الألوهية أو الرسالة؟
فالأقوى أنّ إنكار الضروري إذا كان عن علم و عمد دون ما إذا كان عن
جهل مطلقا اى و إن كان الجهل عن تقصير بل إنكار مطلق ما كان من الدين موجب للكفر و
إن كان ثبوت كونه من الدين- بالإجماع بل و ان لم يكن إجماعيّا و لكن علم كونه من
الدين.
و المناط في حصول الكفر بالإنكار- هو رجوع إنكاره الى تكذيب النبيّ
صلى اللّه عليه و آله فلم يتحقق هذا المناط في صورة الجهل و إن كان عن تقصير.
و أمّا تسالم الأصحاب على كفر الخوارج و النواصب مطلقا اى و إن كان الخروج
عليهم عليهم السلام أو النصب لهم (ع) عن جهل فيمكن أن يكون لأجل الروايات المطلقة
الواردة
[1] الوسائل الباب 14 من أبواب مقدمات الحدود
الحديث 3