بالاستهلاك[1] مثل ما دلّ على أنّه لا بأس بما يقع من البول في الكرّ إذا لم يبلغ في الكثرة حدّ التغيّر الرافع [2] إذ وقوع النجاسة العينية في الكرّ يستلزم تغيّر ما اكتنفها من أجزاء الماء فينجس، و قد حكم الشارع بنفي البأس عن ذلك، و ليس إلّا لامتزاجه بباقي أجزاء الكرّ، فدلّ على حصول الطهارة بالامتزاج.
و كيف كان: فلا إشكال في الحكم المذكور، لكنّ الإشكال، في أنّه هل يعتبر استهلاك المتنجّس في الطاهر على الوجه المعتبر في تطهير المضاف؟
أو يكفي مطلق الامتزاج- بحيث لو فرض للنجس لون مغاير للماء الطاهر و لو ضعيفا لزال، فيطهّر كرّ واحد أكرارا متعدّدة إذا امتزج و لو استهلك فيها و على الأوّل فلا يطهّرها إلّا إذا استهلكها جزءا فجزءا- وجهان:
من الأصل، و المتيقّن الطهارة بالاستهلاك، لظهور كلمات من تقدّم من القائلين بالامتزاج في الاستهلاك و اختصاص الأدلّة المتقدّمة بهذه الصورة.
و من أنّ ملاحظة كلمات القائلين بالامتزاج في مقام آخر تقضي بعدم اعتبار الاستهلاك بالمعنى المتقدّم، لأنّهم ذكروا في الجاري المتنجّس: أنّه يطهر بتكاثر الماء من المادّة عليه حتّى يزول تغيّره [3]. و من المعلوم: أنّ زوال آخر مراتب التغيّر يحصل بقليل من الماء الجاري مستهلك في جنب الماء النجس، و لم يقل أحد منهم باعتبار ما زاد على ما يزيل التغيّر، فإذا اكتفي في