و النظر في الجميع ظاهر، بعد الأخبار و الإجماعات المستفيضة، مضافا إلى منع دلالة الصحيحة، نظرا إلى أنّ قوله: «ما أحسنها» إن كان بصيغة التعجّب فمع منافاته للأمر بخفض الصوت بها إنّما يدلّ على الاستحباب الذي هو مذهب العامّة، فيتعين حملها على التقيّة، و إن كان جملة نافية فقد يردّ بأنّه لا دلالة فيها على الإذن. و فيه: أنّ الجواز مستفاد من قوله: «و اخفض الصوت بها»، إلّا أن يقال: إنّه يحتمل حينئذ أن يكون هذا الكلام إخبارا من الراوي بأنّ المعصوم (عليه السلام) لم يعلن هذا الكلام، لأجل التقيّة، أو يكون أمرا و يكون الضمير في قوله «بها» راجعا إلى الجواب، فقد أمره (عليه السلام) بعدم إعلان هذا الجواب و خفض الصوت بها عند الشيعة، و يحتمل [على] التقديرين أن يكون كلمة [1].
و لقد أجاد في الذكرى حيث قال: إنّ الرواية تنادي على نفسها بالتقيّة [2] و يشير إلى ذلك- مضافا إلى أنّ راوي هذه الرواية قد روى المنع [3] أيضا-: صحيحة معاوية بن وهب، عن مولانا الصادق (عليه السلام)، قال: «قلت له: أقول: آمين، إذا قال الإمام غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضّالِّينَ؟ فقال:
هم اليهود و النصارى» [4]، بناء على عدوله عن جواب السؤال إلى تفسير (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضّالِّينَ)، و ليس- ظاهرا- إلّا لأجل التقيّة، و إن كان ضمير الجمع راجعا إلى قائلي هذه الكلمة، فهي ظاهرة بل صريحة في
[1] إلى هنا تنقطع العبارة في «ق» بسبب حصول انخرام في هامش النسخة، و قد أشار إلى ذلك ناسخ «ط» في الهامش.