إنما الكلام في حكم الشهادة استنادا إلى الاستفاضة، و التحقيق هو:
دوران أمر الشهادة استنادا إلى الاستفاضة، مدار «العلم» المأخوذ في
الضابطة من حيث الطريقية أو الموضوعية، فعلى الموضوعية يشترط تحقق العلم، و الأثر
يترتب عليه دون غيره، الا بدليل خاص، و قد عرفت عدم دلالة الصحيحة الا على حجية
الاستفاضة، من غير تعرض لباب القضاء و الشهادة، فإن إثبات الحجية لموضوع أمر و
جواز الشهادة أو القضاء استنادا إليه أمر آخر، و من هنا يظهر أنّه لا تعارض بين
الصحيحة و حديث: «انما أقضي بينكم بالبينات و الايمان» حتى يجمع بينهما بالعموم و
الخصوص خلافا لقضاء الجواهر، و وفاقا لما ذكره هنا.
و على الجملة فإن ما يفيد حجية الاستفاضة يثبت حكما ذاتيا لها، و لا
علاقة له بحكم طارئ على الاستفاضة، و هو جواز الشهادة استنادا إليها و عدم جوازها.
و على الطريقية- كما هو الظاهر المستفاد من كلمات جماعة من المحققين
كما تقدم- نظير العلم المأخوذ في «كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر» فان كل ما
ثبتت طريقيته يقوم مقام العلم في جواز الاستناد إليه في الشهادة، و من ذلك
الاستفاضة، فيجوز الشهادة استنادا إليها، و يكون المراد من الحديث «إنما أقضي.» هو
القضاء بين الناس بحسب الحجج الظاهرية، فيقضي بالبينة و اليمين من حيث كونهما حجتين،
فلا تعارض كذلك بين الحديث و الصحيحة، بل تتقدم الصحيحة عليه بالحكومة أو الورود.
فهذا هو التحقيق و الملاك في المقام و نظائره، و بما ذكرنا يظهر لك
ما في بعض الكلمات.
و كيف كان فقد قام الدليل الخاص- و هو الاتفاق كما في الجواهر-