قال المحقق قدس سره: (أما في حقوق اللّه تعالى أو الشهادة للمصالح
العامة فلا يمنع، إذ لا مدعي لها، و فيه تردد).
أقول: في قبول شهادة المتبرع في حقوق اللّه تعالى كشرب الخمر و الزنا
و في الشهادة للمصالح العامة كالمدارس و المساجد و القناطر قولان، و قد تردد
المحقق بينهما، و يظهر وجه التردد بعد ذكر أدلة القولين:
فالمشهور شهرة عظيمة هو القبول، بل في الجواهر استقرار المذهب عليه،
و قد استدل له المحقق و غيره، بوجوه أحدها: أن حقوق اللّه و المصالح العامة لا
مدعي لها بالخصوص، لاختصاص الحق باللّه تعالى، أو لاشتراكه بين الكل، فحقوق اللّه
تعالى لا مدعى لها أصلا، و المصالح العامة كل الناس مدعون فيها، من جهة كونها
مشتركة بين الناس كلهم و منهم الشاهد نفسه، فيكون الشاهد مدعيا في الحقيقة، قال
كاشف اللثام: «فلو شرطنا الابتداء بالدعوى لم يبتدئ بها الا بعضهم، و الشهادة لا
تثبت حينئذ إلا قدر نصيبهم، و هو مجهول لتوقفه على نسبة محصور الى غير محصور».
الثاني ما ذكره بقوله: «و لأن المصلحة إذا عمّت عدول المؤمنين
بأجمعهم كانت الشهادة منهم دعوى، فلو توقفت على دعوى غيرهم كان ترجيحا من غير
مرجح».
و الثالث: لزوم الدور.
و الرابع: ان الشهادة بحقوق اللّه تعالى نوع من الأمر بالمعروف و
النهي عن المنكر، و هما واجبان، و الواجب لا يعد تبرعا.
و الخامس: انه مقتضى الجمع بين ما مر من الخبرين، و هما قوله صلى