وغيره عن تصريح
الصدوق الاستحباب ، فهو قرينة أخرى على إرادته به ذلك أيضا ، بل معلومية الاستحباب
بين الإمامية قرينة ثالثة ، إذ يبعد عدم معرفة مثل الصدوق بمذهب الإمامية حتى ينسب
إليهم الوجوب ، ولئن أغضينا عن ذلك كله كان موهونا بجميع ما عرفت ، مع أنه يمكن
المناقشة في إفادة العبارة المزبورة الإجماع ، لأن الظاهر إرادة عند الإمامية في
الجملة منها في مقابلة إطباق العامة لا إجماع الإمامية ، بل لعل العبارة لا تفيده
لغة ، لظهور الطبيعة منها ، لعدم كونها من الجمع المحلى ، بل هي من الملحق بالمفرد
في وجه ، فتأمل.
واحتمال ترجيح
الوجوب بأن المستفاد من الأدلة انما هو مطلق رجحان الجهر بالبسملة ـ فتندرج حينئذ
في صحيح زرارة السابق الذي عبر فيه عن الإخفات بما لا ينبغي الإخفات فيه ، ضرورة
عدم إرادة الوجوب من لفظ « ينبغي » في سؤال الصحيح ، لعدم حسن السؤال معه ـ يدفعه
ما عرفت من أن المستفاد من الأدلة خصوص الاستحباب لا مطلق الرجحان ، بل قد عرفت
صراحة جملة منها فيه كما هو واضح.
ثم ليعلم أن
المراد بالاستحباب في المقام أفضل الفردين للزوم القراءة لأحد الوصفين ، وقد تقرر
في الأصول أن الاستحباب الخصوصي لا ينافي الوجوب التخييري عقلا ولا عرفا ، فلا
حاجة حينئذ إلى ما عن قواعد الشهيد من رجوع الاستحباب إلى اختيار ذلك الفرد بعينه
، فيكون فعله واجبا واختياره مستحبا ، اللهم إلا أن يريد ما ذكرنا ، على أن
استحباب اختياره فرع استحباب المختار وأفضليته عند التأمل ، لكن في الذكرى أن
التخيير انما يتم إن قلنا بتباين الصفتين ، وإن قلنا بأن الإخفات جزء الجهر فلا ،
وفيه مع ضعف الاحتمال نفسه أنه يمكن القول بتمامه أيضا ، ضرورة تعقله بين الجزء
والكل مع فرض عدم حصول أجزاء الكل تدريجا كما في المقام ، إذ الصوت الجهري وإن حصل
به إسماع النفس مع الغير لكنه يحصل دفعة ، فحينئذ يخير بين