مما يستحب في
المؤذن بعيد ، وفي المحكي عن مجمع البرهان « لا فرق في الصفات المرجحة بين العقلية
والنقلية » فتأمل جيدا.
ومع فرض عدم حصول
المرجح لتعارض المرجحات أو تساويها يقرع بينهم ، إذ التخيير وإن كان ممكنا لكن لا
ريب في أولوية القرعة منه ، سيما في الأول باعتبار كونه من تزاحم الحقوق ، ولأنه
أطيب لنفوس المتشاحين ، وأعذر عندهم ، ولما عساه يومي اليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم[١] : « ثلاثة لو
علمت أمتي ما فيها لضربت عليها بالسهام : الأذان والغدو إلى الجمعة والصف الأول »
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم[٢] : « لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يسهموا عليه
لفعلوا » من مشروعية القرعة فيه ، مضافا إلى ما ورد [٣] من كونها لكل أمر
مشكل ، وقد أشكل الحال بطلب كل ذلك.
ومما ذكرنا يظهر
لك ما في كلام جماعة من أصحابنا حيث اقتصروا على الصفات المرجحة في الأذان ، اللهم
إلا أن يكون ذلك لندرة الترجيح بغيرها ، أو أن مرادهم بالمرجحة أعم من العقلية
والنقلية أو غير ذلك مما لا ينافي ما ذكرنا ، بل من المحتمل إرادتهم ذكر المرجحات
في الجملة ، ولذا أناطوا القرعة بالتساوي وإن كان الظاهر إرادتهم التساوي في
المرجحات المزبورة ، لكن قد يبعده أنه كما يرجع إليها في ذلك يرجع إليها عند تعارض
المرجحات ، وإلا كان محلا للنظر لما عرفت ، ففي المحكي عن المنتهى والتحرير
والموجز « قدم من اجتمع فيه الصفات المرجحة ، ومع التساوي القرعة » لكن عن الموجز
منها أنه « يقدم جامع الصفات ، فالراتب » وفي التذكرة والمحكي عن نهاية الأحكام
وكشف الالتباس « قدم من كان أعلى صوتا ، وأبلغ في معرفة الوقت ،
[١] المستدرك ـ الباب
ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١.
[٢] المستدرك ـ الباب
ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٨.