الفرق بين
التقريرين بما يقتضي ذلك ، إذ التعارض عليهما معا بين ما دل على وجوب تلك الأفعال
في الصلاة وبين إطلاق دليل الجواز في السفينة ، فالكلام الكلام ، والبحث البحث ،
فلاحظ وتأمل.
فظهر من ذلك كله
أن تحرير النزاع على هذا الوجه مما لا ينبغي ، أو أن الحق عدم الجواز اختيارا على
تقديره ، كما أنه ظهر لك مما قدمناه سابقا أن التحقيق الجواز اختيارا ، بناء على
تحريره بما سمعته سابقا ، وفاقا لجماعة بل الأكثر إن لم يكن المشهور ، بل في جامع
المقاصد الاتفاق على الجواز في السفينة الواقفة مع عدم الحركات الفاحشة ، وهو
الحجة ، مضافا إلى ما سمعته سابقا في الصلاة على الدابة الواقفة والمعقولة والرف
المعلق بين نخلتين والسرير المحمول ونحو ذلك ، بل ما هنا أولى ، للأمن من حصول
الحركة المنافية للصلاة غالبا ، وعدم كون قرارها الأرض بل الماء لا يصلح مانعا بعد
إطلاق النص والفتوى وعدم ذكر ذلك في شرائط المكان أو موانع الصلاة ، على أن أدلة
الجواز في السفينة لا معارض لها هنا إلا المضمر [١] والحسن [٢] السابقان من وجه
، ولا ريب في رجحان أدلة الجواز المعتضدة بما سمعت عليهما ، خصوصا مع عدم حجية
الأول منهما ، وخصوصا بعد إشعارهما أو ظهورهما في فوات بعض الأفعال كالقيام
والاستقبال لا من حيث السفينة.
بل هو كذلك أيضا
بالنسبة إلى السائرة أيضا ، إذا لم يحصل بسيرها اضطراب للمصلي وعدم طمأنينة ، بل
كان يصدق عليه الاستقرار والطمأنينة ، إذ لا معارض لها فيه أيضا إلا الخبران
السابقان من وجه ، وترجح عليهما بقوة الدلالة أولا ، ضرورة انسياق هذا الفرد من
أدلة الجواز إلى الذهن من بين الأفراد ، وبالتعدد ثانيا ، وبصحة
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٨.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ١٤.