الناس على أموالهم
[١] فإذا كان الصداق دينا أو عينا وقد تلفت في يد الزوج صح عفوها بلفظه والاسقاط
والإبراء والترك ، بل في القواعد والمسالك وكشف اللثام والهبة ، بل في الأخيرين
والتمليك ، بل لم يحك أحد منهما الخلاف هنا ولعله لدلالة كل منهما على إسقاط الحق
الذي لا يختص بلفظ ، ولا إشكال فيه مع إرادة معنى الإبراء منهما ، إنما الكلام
فيما لو أريد منهما معناهما لو تعلقا بالعين على أن يكون الإبراء تبعا لذلك ، وكان
وجهه صحة تمليك ما في الذمة ممن هو عليه بالهبة ، لكونه مقبوضا ، فيحصل الإبراء
باعتبار عدم قصور ملك الإنسان على نفسه ، بخلاف هبة ما في ذمة الغير ، فإنه لا
يتصور قبضه دينا ، وتشخيصه بالعين يخرجه عن الدين الذي هو محصل البحث.
لكن قد يناقش بأنه
لا معنى لملك الكلي في الذمة إلا استحقاقه على من في ذمته ، ضرورة كونه معدوما لا
يصلح لقيام صفة الملكية ، فلا يتصور حصولها لمن في ذمته على نفسه ، وحينئذ يتجه
عدم الصحة إلا ما دل عليه الدليل في البيع وغيره من العقود المملكة لا المسقطة.
وقد يدفع بأن
الشارع قد جعل الوجود الذمي كالوجود الخارجي ، فيصح قيام صفة الملكية فيه إلا أن
ذلك لما كان يتبعه الاستحقاق للمالك يتجه سقوطه في الفرض ونحوه ، لعدم تصور
استحقاقه على نفسه ، لا يقال : إن ذلك يقتضي أيضا جواز هبة ما في ذمة الغير للغير
، إذ هو حينئذ كالأعيان ، لأنا نقول : إنه وإن كان كذلك لكنه يمنعه اعتبار القبض
في صحة الهبة ، وقد عرفت عدم إمكان قبضه دينا ، واحتماله بالضمان مثلا يدفعه أنه
ليس قبضا ، وإنما هو عقد آخر وإن أفاد كونه مقبوضا لمن صار في ذمته بعد الضمان ،
هذا ولتمام الكلام فيه محل آخر.
وعلى كل حال لا
يفتقر إلى قبول عند المشهور بأي لفظ وقع كسائر الابراءات ، لإطلاق الأدلة المعتضدة
بفتوى المشهور ، ومما يؤيده هنا إطلاق قوله