ولا يخفى عليك انه
لا يرد شيء مما ذكره على ما ذكرناه من الأصول والقواعد والعمومات ، مضافا الى ما
في منعه الأول ودعوى ان الأصل عدم الشغل ، ومعارضة ما ذكره من الاستصحاب أولا
بالاستصحاب في صورة رؤيتها الدم قبل الوقت ، وثانيا بأصالة عدم التكليف بالعبادة
المشروطة بالطهارة ، وذلك لأن المراد من ثبوتها في الذمة انما هو بالخطاب التعليقي
المتحقق التكليف به قبل دخول الوقت ، إذ ليس قوله : ( صل ان دخل الوقت ) مجرد
إخبار كما عساه يتخيل ، بل هو خطاب وتكليف بالفعل عند دخول الوقت ، ومن هنا يصدق
على العبد الذي أمره سيده بفعل معلق انه مكلف ومخاطب ، ولذا يجب على المكلف في بعض
الصور حفظ ما يتوقف عليه الفعل قبل دخول الوقت إذا علم عدم وجوده بعده ، على ان
التمسك باستصحاب البراءة قبل دخول الوقت في نفي الشغل بعده لا يخلو من تأمل ونظر ،
كيف لا مع انا نعلم ان براءتها قبل الوقت انما هو لعدم دخول الوقت الذي ينقطع
بمجرد دخول الوقت ، نعم لو كان الشك في كون الآن الثاني من الوقت مشغلا لها بنفسه
وكانت بريئة قبله أمكن جريان هذا الاستصحاب ، ومنه يعلم فساد ما ذكره أخيرا من
التمسك بأصالة العدم ، على انه كيف يتصور جريانه مع استصحاب الطهارة ، فتأمل جيدا.
فان قلت : كيف لا
يتجه الاستدلال بما ذكرت أولا مع دوران الأمر بين الحيض والاستحاضة ، إذ كما ان
الأصل عدم الحيض فالأصل عدم الاستحاضة أيضا. قلت : أما أولا نمنع الحكم بالاستحاضة
بمجرد انتفاء الحيض ، بل نقول : ان الأصل عدمهما كما يشعر به مرسل يونس الآتي [١] حيث قال عليهالسلام فيه : « انما كان
من علة إما قرحة في جوفها وإما من الجوف » وأما ثانيا فبدعوى ان الاستحاضة من
الأمور المرتبة على عدم الحيض ، فيكون حينئذ شرطها عدميا ، فلا مانع حينئذ من
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٢ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ٢.