المباح مندوبة من
حيث إنها مقدمة له ، وفساده ظاهر ، خصوصا مع ملاحظة قوله تعالى ( إِنْ
يَكُونُوا ) إلى آخره. الظاهر في أنه رد لما عسى أن يمنع من النكاح
ويزهد الناس فيه من خوف العيلة بأن الله الواسع العليم يغنيهم من فضله ، ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم[١] : « اطلبوا الغنا
في هذه الآية » وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم[٢] أيضا : « من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله
، إن الله عز وجل يقول ( إِنْ يَكُونُوا ) » إلى آخره.
ولا ينافي ذلك
قوله تعالى [٣]( وَلْيَسْتَعْفِفِ
الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) إذ هو إنما يدل
على الاستعفاف لمن لا يجد النكاح ولا يتمكن منه ولو بحصول من ينكحه ، وأن ذلك أولى
له من تحمل المنة والذل والسؤال في تحصيل ما ينكح به ، إذ النكاح وإن كان مندوبا
إلا أنه إذا توقف على مقدمات مكروهة مرجوحة سقط الخطاب باستحبابه حينئذ لا أنه
ترتفع مرجوحية المرجوح له ، والحاصل أن المراد ترجيح الاستعفاف على النكاح المتوقف
على عدمه ، وهذا لا ينافي استحبابه مع التمكن ولو مع الفقر ، على أن المروي عن الصادق عليهالسلام[٤] في تفسيره «
يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله » ولعل المراد أنهم يطلبون العفة بالتزويج
والإحصان ليصيروا بذلك أغنياء ، أو ليحصل لهم به الغنا من الفقر ، كما رواه إسحاق بن عمار [٥] قال : « قلت لأبي
عبد الله عليهالسلام : الحديث الذي يرويه الناس حق إن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فشكى إليه الحاجة
فأمره بالتزويج ، ففعل ثم أتاه فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج ، حتى أمره ثلاث
مرات؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : نعم هو حق ، ثم قال : الرزق مع النساء والعيال » وفي
النبوي [٦]