ومن ذلك يظهر لك
ما قيل في دفع المنافاة بين الآيتين بأن الأولى وردت للنهي عن رد المؤمن وترك
تزويج المؤمنة لأجل الفقر ، والثانية لأمر الفقير بالصبر على ترك النكاح حذرا من
تعبه حالة الزواج ، أو أن الأولى للنهى عن تركه مخافة الفقر اللاحق ، والثانية
للأمر بالاستعفاف للفقر الحاضر ، ضرورة أنه كما لا ينبغي رد المؤمن أو ترك تزويج
المؤمنة لأجل الفقر فكذا لا ينبغي ترك التزويج للفقير باعتبار فقره كما سمعته في
الخبر السابق ، وكما أن الفقر اللاحق لا يمنع ، بل يستحب معه التزويج ، فكذا
الحاضر ، فان التزويج معه مستحب أيضا لأن الظاهر من الآية الأولى ثبوت الفقر حال
التزويج ، وأن المراد إن يكونوا فقراء حال التزويج يغنهم الله من فضله بعده ، لا
أنهم إن صاروا فقراء بعده أغناهم الله ، بل الأمر بالإنكاح حال الفقر يدل على أنه
حال النكاح غير مانع ، فلا يكون الصبر على تركه مطلوبا ، وقد سمعت الخبر المزبور
الصريح في ذلك. وحينئذ فلا إشكال في دلالة الآية على المطلوب.
نعم ما وقع من غير
واحد من الاستدلال عليه بقوله تعالى [١]( وَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى
وَثُلاثَ وَرُباعَ ) باعتبار اشتماله على الأمر الذي أقرب المجازات إلى معناه
الحقيقي بعد تعذره الندب لا يخلو من نظر ، ضرورة عدم استفادة أكثر من الإباحة منه
، باعتبار تعليقه على خوف ترك
وذكر في الفقيه ـ ج
٣ ص ٢٤٥ ـ الرقم ١١٦١ وفيه « تزوجوا الزرق فان فيهن البركة » ولم أعثر على الفظ الذي ذكره (
قده ). والظاهر أنه سهو من قلمه الشريف ، فان الموجود في الكافي ـ ج ٥ ص ٣٣٥ على
ما رواه في الوسائل في نفس الباب أيضا والبحار ـ ج ١٠٣ ص ٢٣٧ بطريق آخر وكنوز
الحقائق على هامش الجامع الصغير حرف التاء كلمة « تزوجوا » وكنز العمال ج ٨ ص ٣٤٤
ـ الرقم ٣٩٠٩ « تزوجوا الزرق فان فيهن يمينا ».