كل ذلك مضافا إلى
التأيد بظواهر كثير من النصوص [١] الواردة بالنسبة إلى من مات وله أموال ، وورثته صغار ولا
وصى له ، حيث اشترطت عدالة المتولي لذلك ، وهي وإن كانت خارجة عما نحن فيه إلا أن
فيها إشعارا بأن المتولي لأمر الوصاية كذلك بل لا فرق بينهما ، إلا كون الأول
منصوبا من قبل الشارع والثاني من قبل الميت وإلا فهما بالنسبة إلى ما يتصرفان فيه
واحد ، فكما يراعى العدالة فيه من حيث أن الناصب له الشرع ، يراعي كذلك فيه من حيث
أن الناصب للوصي ، فلا ينصب لذلك إلا عدلا.
والفرق ـ بأن
للموصى التسلط على ماله يدفعه إلى من شاء ، ويسلط عليه من يختاره ، لتسلط الناس
على أموالهم ، بخلاف الحاكم الشرعي المنوط تصرفه بالمصلحة ، دون ما فيه مفسدة ـ يظهر
ضعفه مما مر ، فإن الموصى بعد الموت وانتقال التركة إلى الورثة وفيهم الصغير ، وفيها
وصايا إلى الجهات العامة ونحو ذلك من التصرفات المحتاجة إلى الوثوق والائتمان ، لا
تعلق له بذلك ، فتصرفه فيما ذكر ، إنما هو تصرف في مال الغير ، لا مال نفسه.
وقيل : والقائل
جماعة منهم الفاضل في المختلف وابن إدريس فيما حكى عنه وغيرهما لا تعتبر العدالة
في الوصي لأن المسلم محل للأمانة ، كما في الوكالة والاستيداع ، ولأنها ولاية
تابعة لاختيار الموصى فيتحقق بتعيينه.
وقيل كما في
المسالك : المعتبر عدم ظهور الفسق ، لا ظهور العدالة ، قال : لأنه لا يلزم من عدم
أهلية الفاسق للاستيمان وقبول الخبر ، اشتراط العدالة هنا لوجود الواسطة بينهما ،
وهو المستور والمجهول الحال ، فإنه لا يصح وصفه بالفسق بل يعزر واصفه به ، فلا
يدخل في المدلول.
واشتراط عدالة
وكيل الوكيل إن أرادوا به اشتراط ظهور عدالته ، كما هو المشهور ، فهو عين المتنازع
فيه ، وإن أرادوا به عدم ظهور الفسق ، سلمناه ، لكن لا يفيد الاشتراط ، وبالجملة
لا ريب في اشتراط عدم ظهور فسقه ، أما اشتراط ظهور عدالته ففيه بحث ، والاستدلال
عليه ـ بأن الفسق لما كان مانعا ، فلا بد من العلم بانتفائه ، وذلك هو اشتراط
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٨٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا.