في المسألة الأولى
، فإن كان قد قبض برأت ذمة المحيل منه مقدار ذلك ، لأخذه بزعمه منه قهرا فيقاصه
قهرا ، وكذا برأت ذمة المحال عليه إن كانت مشغولة ، لثبوت الحوالة ظاهرا ، وإن كان
لم يقبض فله المطالبة.
ولكن هذا كله إذا
حلف ، وإن نكل حلف المديون ، وبطلت الحوالة ، وإن قدمنا قول المحيل ولم يكن قد قبض
المحتال ، بطلت وكالته بإنكاره ، بناء على اقتضاء ذلك بطلانها وحوالته بحلف
المديون. وهل له أن يطالب المديون حينئذ بحقه؟ لبقائه بزعم المديون حينئذ في ذمته
، أو لا لزعمه أن لا حق له على المديون بالحوالة وأن حقه على المحال عليه وجهان ،
وإن كان قد قبض وكان المقبوض باقيا فعليه تسليمه للمحيل ، ولكن الظاهر أن له
مطالبة المحيل هنا ، لأنه إن كان وكيلا فحقه باق على المديون ، وإن كان محتالا فقد
استرجع المحيل ماله منه ظلما ، فله الرجوع عليه ، وبذلك افترقت هذه الصورة عن صورة
ما لم يقبض.
ولو كان المقبوض
تالفا ، فإن كان تلفه بتفريط أو تعد ضمنه للمحيل ، ولكن يرجع عليه لما عرفت ، وإن
كان بغير تفريط ففي ضمانه له وجهان ، ينشئان من أنه وإن كان وكيلا ظاهرا إلا أنه
قبض المال لنفسه باعترافه ، وهو جناية يضمن بها ومن أنه إما وكيل بزعم المحيل ،
فلا يضمن المال إذا لم يفرط ، أو محتال فهو ماله ، وحينئذ فليس له مطالبة المحيل
بحقه ظاهرا ، وان كان بزعمه بقاؤه لاعترافه باستيفاء حقه كما هو واضح.
وأما إن قدمنا قول
المحتال في المسألة الثانية ، وحلف ، فإن لم يكن قد قبض المال فليس له قبضه ، بناء
على انعزاله عن الوكالة بذلك ، وله مطالبة المحيل بحقه ، وهل للمحيل الرجوع على
المحال عليه بعد أدائه للمحتال؟ وجهان ، من اعترافه بتحول ما كان عليه إلى المحتال
، ومن أن المحتال إن كان وكيلا فإذا لم يقبض بقي حق المحيل ، وإن كان محتالا فقد
ظلم المحيل بأخذ المال منه ، وما على المحال عليه حقه فللمحيل أن يأخذه عوضا عما
ظلم به ، وإن كان قد قبض المال فقد برأت ذمة المحال عليه إن كانت مشغولة على كل
حال.